صباح الخير ’ نَيْسَـان ’ جُمعة مُباركة !
بعد أن تشّرفتُ بتقديمك , عدتُ استسقي غيمة َ فكرك , أحملُ أسئلةً ليست عليكِ بعزيزة !
_ جوستاين غاردر , الرّوائي الذي أتحف العالم بـ [ عالم صوفي ] , تلك الرواية التي أغنتني جزئياً عن ركنٍ مهم في مكتبتي , التي تناول فيها غاردر تاريخ الفلسفة , وبطريقة غريبة جداً , حيث تسلسلت الأحداث بطريقة على مسارين كلّ منهما أكثر تشويقاً من الآخر , فصوفي التي انقلبت موازين حياتها حين وجدت رسالة تقول لها / [ من أنتِ ؟ ] ,
وأخرى [ من أين جاء العالم ؟ ] , كذلك القارئ , يتابع وبكلّ شغف قصّة صوفي وبحثها عن إجابات لتلك الأسئلة / وفي المسار الآخر تصل الرسائل تَباعاً تخبرنا مع صوفي بتاريخ الفلسفة وبشكل أنيق جداً مروراً بكلّ التأثيرات والأسماء والأديان التي أحدث تغيير في الكون ! / وشّدني كثيراً غاردر حين تحدث ابتداءً من الصفحة 164 عن الدّيانات والأُسس المُشتركة بينها , والخواص التي تميّز أبناء الدّيانات الثّلاث الذين يعودون جميعاً إلى السّاميّة التي أصلها جزيرة العرب !
* غاردر مجرّد مثال / وروايتة تصوير لواقع الرّوايات الحديثة في الأدب الغربي بشكل عام , حين يجعلك الكاتب المبدع تقرأ قصة وتتابع تطوّراتها , وتكتشف فكر وفلسفة وأرآء يُتخِمُ بها المُؤَلِّف مُؤَلّفـه !
لماذا وُفّق الكاتب الغربي كثيراً في الكتابة الرّوائيّة الفكريّة ؟ بينما المحاولات العربيّة تكاد تعدّ على الأصابع ؟
هل للبيئة تأثير ؟ / حينَ ينظرُ الرّوائيّ الغربيّ في كتابٍ ما إلى الإسلام بعين انصاف , يُهلّـل البعضُ ويكبّر وربما عدّوه فتحاً عظيماً / وحين يتحدث الكاتب العربيّ , ولو بجزء بسيط عن الثقافات والدّيانات الأخرى , يُوصفُ بالشّعوبيّة , وأنّه مُختلّ العقيدة , ويدعوا إلى إرباك وزعزعة الفكر الإسلاميّ ! [ برأيك , هل حربنا الفكريّة الدّاخليّة حدّت من رغبة البعض في التعمّق والكتابة عن الآخر , ولو بعين السُّخط ؟ ] !
_ قرأتُ مؤخراً [ ملائكة وشياطين ] , إحدى روائع دان براون , الشيئ الذي لفت انتباهي أنّ إسم دان براون كُتب على الغِلاف بصورة كبيرة , وخُطّ تحته [ مؤلّف شيفرة دافنتشي ] , رُغم أنّ براون أبدع في حقيقة الخديعة والحُصن الرّقميّ /
[ هل ترى نَيسان , أنّ إسم الكاتب أحياناً يُثيرُ حفيطة القارئ , وأحياناً أخرى إسم كتاب سابق ناجح قد يغلب على إسم الكاتب فيُقال هذه رواية ملائكة وشياطين للكاتب الذي ألّف شيفرة دافنتشي , لنجاح العمل الأوّل ؟ ]
من هو الكاتب أوّ المؤلفون الّذين تأخذ نيسان كُتبهم دون أن تهتمّ حتى بالعنوان لثقتها فيما يكْتُبون !؟
_ الفلسفةُ العربيّة , محاولةٌ أخيرة من عجوزٍ فقدت طفلتها في غارة ما , وتبحث عن دمعة ٍ , أو نفسٍ , أو أشلاء , بين الرُّكام ! [ أنا أرى ذلك ] !
وأرى كذلك أنّ الفلسفة العربيّة بدايتها كانت خَجولة وربما في العصر الجاهلي , وحين جاء ابن الطُّفيل وكتب " حيّ ابن يقظان " كانت مجرد قصّة شيقة , مرر لنا من خلالها رأي الفلاسفة القدماء ولم يأتِ بجديد !
[هل ترى نيسان أن الفلسفة العربيّة فنّ مستقلّ بذاته عن فلسفات الأمم والأفراد الأخرى ؟, أم أنّه يدور في حلقة ضيقة جداً وبدائيّة كذلك , وأنّه من الصّعب جداً أن يخرج فيلسوفاً من عاش وحيداً على جزيرة كما يرى ابن الطّفيل , ولربما خرج مستذئب أو متوحّش , كما هم فلاسفة وكتّاب مجتمعنا الحالي ! لأننا نعيش على جزيرة , بشكل مجتمع ؟ ]
_ في معرض الريّاض الدّولي للكتاب , الأخير , كانت البرازيل ضيف شرف , نقلوا لنا من خلالها ثقافة وأدب أمريكا اللاّتينيّة , ذلك الأدب الذي بلغ سنّ الرشد , وأوجد لهُ مكاناً بين الأمم , وبنكهةٍ خاصّة ,
وكما تستحوذان الإرجنيتن والبرازيل , أكبر المساحة من تلك القارة المنحازة في حضن الهادي , امتلك كتّابها مساحه كبيرة في قلوب القرّاء من كافة الأطياف والشّعوب , وعلى رأسهم أرنستو ساباتو [ صاحب رائعة النّفق , وملاك الجحيم أبدون , وغيرها ] , فحين يكتبون يتحدثون عن الثورة , والسّياسة , والعنف والإصلاح , وتقلّب الفرد بين الفقر والسّلطة , !
[ من خلال قرآتكِ لبعض الرّوايات اللاّتينيّة وبالذّات لساباتو , هل تعتقدين فعلاً أن الأدب اللاّتيني متفرّد , وماهي أسباب ذلك ؟ وهل تجربة معرض الكتاب مع الأدب البرازيلي آتت أُكلها ؟ ولوكان لك الخيار من تفضلين ضيف شرف للعام المقبل ؟ ! ]
[ قالَ ليَ الطبيبْ :
خُذْ نَفَساً .
فكِدتُ - من فَـرْطِ اختناقي
بالأسى والقـهْرِ – أَستجيبْ
لكنّـني
خَشِيتُ أن يَلمحَـني الرقيـبْ .
وقالَ : ممَّ تشتكي ؟
أردتُ أن أُجيبْ
لكنّـني
خَشِيتُ أن يَسـمعَني الرقيـبْ .
وعندما حيَّرتُهُ بصمـتيَ الرهيـبْ
وَجَّهَ ضَوءاً بـاهِراً لمقلـتي
حَاولَ رَفْعَ هـامتي
لكنّني خَفضتُـها
ولُذْتُ بالنحيـبْ
قلتُ لهُ : معذرةً يا سيّدي الطبيـبْ
أودُّ أن أرفعَ رأسي عاليـاً
لكنّـني
أخافُ أن .. يحذِفَـهُ الرقيـبْ ! ] العراقي , أحمد مطر !
[ كمْ صخرة
تحتاجُ الأرضُ
لتكتمَ صراخَ شهدائها
حين يمرُّ على أديمها القتلة ] العراقي , عدنان الصائغ !
[ حين يُنفى الإنسان من أرضه , تحت تهديد السّثلطة , ينتج أدب مُغاير , كما حدث مع أغلب المنفيين , وأهل العراق بالتحديد , هل ترى نيسان أن المنفى فتيلٌ ينتظر شرارة العقل فقط , حتى يتولّد انفجار أدبيّ هائل ؟
لماذا أهل العراق أجمل من يكتب الشّعر , ولماذا اختاروه دون النثر والرواية / مع أنني أكاد أجزم أنّهم سيُبهرون العالم لوكتبوا ؟ ]
_ يقول نيتشه في [ أُفول الأصنام ], " يعتبر النّاس المرأة عميقة , لماذا لأنهم لايلمسون العمق لديها أبداً , المرأة ليست حتّى مسطّحـة "
[ هل نيسان ترى أن المُقارنة ظالمة حين نقول رجل وإمراة , لأنني أرى أنّ التفضيل للأفراد وليس للجنس في هذا المجتمع /
وبما أنّ الحديث عن المجتمع " ماهي فلسفتك في المجتمع وعلومه , كعلم الإجتماع مثلاً " هل تؤمني بوجوده ؟ ]
ختاماً /
أتمنى ألاّ تكون أسئلتي أثقلت عليك , فأنا طرحتها عليك , لعلمي أيُّ مُحاروة أنتِ ؟
وتقبّلي خالص شكري وامتناني مُسبقاً !