الْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ضار ضارَّ الله به، ومن شاقَّ شق الله عليه ) رواه الترمذي وابن ماجه.
كما ذكر الشيخ عن أبي صرمة صوابه عن أبي صرمة قال: قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم: ..
من ضار ضار الله به ، ومن شاق شق الله عليه ... في هذا تهديد ووعيد لمن يُضار إخوانه المسلمين
، ومن يُضار أحدا بغير حق ، فيا للتحريم المضار! تحريم الإضرار للناس والإسقاط على الناس ، يعني بغير حق.
الإكراه نوعان:
إكراه بحق ، وإكراه بغير حق ،
فالإكراه بأخذ المال قد يكون بحق ، فمن منع حقا واجبا أخذ منه ولو كان كارها ، و ... بأخذ ماله ،
ومن استوجب عقوبة وجب إنزالها به ولو كان فيها مضرة عليه ، فمن ضار يعني ضار غيره بغير
حق ، وشاق بغير حق ، شق الله عليه وضره الله سبحانه وتعالى ، فالله هو النافع الضار ، والضرر
الذي يكون مثلا للإنسان على غيره إما بحرمان من منفعة ، أو بإنزال مكروه ، وهذا يشمل كل أنواع
الضرر في النفس وفي المال بشتى الوسائل وفي العرض.
فالحديث جامع وشامل لأنواع الإضرار وأنواع الإسقاط كما تقدم: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده
يعني يجب أن يكف المسلم يده ولسانه عن الإضرار بإخوانه المسلمين ، المسلم من سلم المسلمون
فهذا المضار خلاف ، يعني لم يحقق بحسب ما يقع منه ، لم يحقق كف الأذى ، يجب على المسلم كف
الأذى؛ لا يؤذي أحدا بقول ولا فعل ، لا يؤذي أحدا في نفسه ، لا يضر أحدا في نفسه بقتل أو جرح أو
ضرب ، ولا يؤذيه في ماله بسرقة بغش باختلاس بخيانة ، لا يؤذيه في عرضه في أهله بسب
بسخرية.
... والجزاء من جنس العمل أيضا هذا الحديث فيه التنبيه لهذا المعنى ، كما نبه الشيخ رحمه الله في
شرح هذا الحديث أن من دلالات هذا الحديث أن الجزاء من جنس العمل ، وهذه سنة الله ثوابا وعقابا،
هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ ؛ فالجزاء من جنس العمل ، الله تعالى يقول:
وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّه
فهذا جار على هذا المنوال.
ومن شواهد هذا المعنى:
من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم
القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في
الدنيا والآخر ا لجزاء من جنس العمل في الخير والشر ، ففي هذا تحريم الإضرار مطلقا ، عموما.]
ومن المضار التي يشار إليها في القرآن ما جاء في قوله تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ
كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا
وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ فلا يجب للمرأة أن تضار يعني الزوج ، ولا يجب
للزوج أن يضار المرأة ، لا تضار والدة بولدها ، فلا يضار الرجل المرأة ، وليس لها أن تضاره كذلك
، وكذلك الموصي نبه الله على تحريم الإضرار بالوصية
غَيْرَ مُضَارٍّ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ قيد في جميع يعني الموصين " غير مضار "
فتحرم المضارة في الوصية ، تحرم مضارة الشريك لشريكه ، مضارة الجار لجاره ، يعني يجب دفع
الضرر عن الجار ... ، الجار أن يحدث في بيته وفي ملكه ما يضر بجاره مما لم يكن معروفا ومعتادا
هي أمور ، كما يقول الفقهاء: لا يزال الضرر بالضرر ، وبهذا يتبين أن هذا الحديث أيضا على منوال
ما قبله وما بعده أنه من جوامع الكلم ، وفي الحديث الآخر مما يجري بهذا لا ضرر ولا ضرار نفي
معناه النفي معناه ... يمنع عن الإضرار بالغير ، ومضرة الغير بأي نوع من أنواع المضرة بغير حق ، وفي الحديث الذي عندنا فيه ذكر المقابلة ، وأن الجزاء من جنس العمل
جامع الشيخ الإسلام ابن تيمية
دعواتكم لي