لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: انشودة المطر قصيدة لمن اراد ان يتذوق الأدب

  1. #1

    انشودة المطر قصيدة لمن اراد ان يتذوق الأدب

    انشودة المطر





    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    بدر شاكر السياب



    عَيْنَاكِ غَابَتَا نَخِيلٍ سَاعَةَ السَّحَرْ ،

    أو شُرْفَتَانِ رَاحَ يَنْأَى عَنْهُمَا القَمَرْ .

    عَيْنَاكِ حِينَ تَبْسُمَانِ تُورِقُ الكُرُومْ

    وَتَرْقُصُ الأَضْوَاءُ ...كَالأَقْمَارِ في نَهَرْ

    يَرُجُّهُ المِجْدَافُ وَهْنَاً سَاعَةَ السَّحَرْ

    كَأَنَّمَا تَنْبُضُ في غَوْرَيْهِمَا ، النُّجُومْ ...



    وَتَغْرَقَانِ في ضَبَابٍ مِنْ أَسَىً شَفِيفْ

    كَالبَحْرِ سَرَّحَ اليَدَيْنِ فَوْقَـهُ المَسَاء ،

    دِفءُ الشِّتَاءِ فِيـهِ وَارْتِعَاشَةُ الخَرِيف ،

    وَالمَوْتُ ، وَالميلادُ ، والظلامُ ، وَالضِّيَاء ؛

    فَتَسْتَفِيق مِلء رُوحِي ، رَعْشَةُ البُكَاء

    كنشوةِ الطفلِ إذا خَافَ مِنَ القَمَر !

    كَأَنَّ أَقْوَاسَ السَّحَابِ تَشْرَبُ الغُيُومْ

    وَقَطْرَةً فَقَطْرَةً تَذُوبُ في المَطَر ...

    وَكَرْكَرَ الأَطْفَالُ في عَرَائِشِ الكُرُوم ،

    وَدَغْدَغَتْ صَمْتَ العَصَافِيرِ عَلَى الشَّجَر

    أُنْشُودَةُ المَطَر ...

    مَطَر ...

    مَطَر...

    مَطَر...

    تَثَاءَبَ الْمَسَاءُ ، وَالغُيُومُ مَا تَزَال

    تَسِحُّ مَا تَسِحّ من دُمُوعِهَا الثِّقَالْ .

    كَأَنَّ طِفَلاً بَاتَ يَهْذِي قَبْلَ أنْ يَنَام :

    بِأنَّ أمَّـهُ - التي أَفَاقَ مُنْذُ عَامْ

    فَلَمْ يَجِدْهَا ، ثُمَّ حِينَ لَجَّ في السُّؤَال

    قَالوا لَهُ : " بَعْدَ غَدٍ تَعُودْ .. " -

    لا بدَّ أنْ تَعُودْ

    وَإنْ تَهَامَسَ الرِّفَاقُ أنَّـها هُنَاكْ

    في جَانِبِ التَّلِّ تَنَامُ نَوْمَةَ اللُّحُودْ

    تَسفُّ مِنْ تُرَابِـهَا وَتَشْرَبُ المَطَر ؛

    كَأنَّ صَيَّادَاً حَزِينَاً يَجْمَعُ الشِّبَاك

    وَيَنْثُرُ الغِنَاءَ حَيْثُ يَأْفلُ القَمَرْ .

    مَطَر ...

    مَطَر ...

    أتعلمينَ أيَّ حُزْنٍ يبعثُ المَطَر ؟

    وَكَيْفَ تَنْشج المزاريبُ إذا انْهَمَر ؟

    وكيفَ يَشْعُرُ الوَحِيدُ فِيهِ بِالضّيَاعِ ؟

    بِلا انْتِهَاءٍ - كَالدَّمِ الْمُرَاقِ ، كَالْجِياع ،

    كَالْحُبِّ ، كَالأطْفَالِ ، كَالْمَوْتَى - هُوَ الْمَطَر !

    وَمُقْلَتَاكِ بِي تُطِيفَانِ مَعِ الْمَطَر

    وَعَبْرَ أَمْوَاجِ الخَلِيج تَمْسَحُ البُرُوقْ

    سَوَاحِلَ العِرَاقِ بِالنُّجُومِ وَالْمَحَار ،

    كَأَنَّهَا تَهمُّ بِالشُّرُوق

    فَيَسْحَب الليلُ عليها مِنْ دَمٍ دِثَارْ .

    أصيح بالخليج : " يا خليجْ

    يا واهبَ اللؤلؤ ، والمحار ، والردى ! "

    فيرجعُ الصَّدَى

    كأنَّـه النشيجْ :

    " يَا خَلِيجْ

    يَا وَاهِبَ المَحَارِ وَالرَّدَى ... "



    أَكَادُ أَسْمَعُ العِرَاقَ يذْخرُ الرعودْ

    ويخزن البروق في السهولِ والجبالْ ،

    حتى إذا ما فَضَّ عنها ختمَها الرِّجالْ

    لم تترك الرياحُ من ثمودْ

    في الوادِ من أثرْ .

    أكاد أسمع النخيل يشربُ المطر

    وأسمع القرى تَئِنُّ ، والمهاجرين

    يُصَارِعُون بِالمجاذيف وبالقُلُوع ،

    عَوَاصِفَ الخليج ، والرُّعُودَ ، منشدين :

    " مَطَر ...

    مَطَر ...

    مَطَر ...

    وفي العِرَاقِ جُوعْ

    وينثر الغلالَ فيه مَوْسِمُ الحصادْ

    لتشبعَ الغِرْبَان والجراد

    وتطحن الشّوان والحَجَر

    رِحَىً تَدُورُ في الحقول … حولها بَشَرْ

    مَطَر ...

    مَطَر ...

    مَطَر ...

    وَكَمْ ذَرَفْنَا لَيْلَةَ الرَّحِيلِ ، مِنْ دُمُوعْ

    ثُمَّ اعْتَلَلْنَا - خَوْفَ أَنْ نُلامَ – بِالمَطَر ...

    مَطَر ...

    مَطَر ...

    وَمُنْذُ أَنْ كُنَّا صِغَارَاً ، كَانَتِ السَّمَاء

    تَغِيمُ في الشِّتَاء

    وَيَهْطُل المَطَر ،

    وَكُلَّ عَامٍ - حِينَ يُعْشُب الثَّرَى- نَجُوعْ

    مَا مَرَّ عَامٌ وَالعِرَاقُ لَيْسَ فِيهِ جُوعْ .

    مَطَر ...

    مَطَر ...

    مَطَر ...

    في كُلِّ قَطْرَةٍ مِنَ المَطَر

    حَمْرَاءُ أَوْ صَفْرَاءُ مِنْ أَجِنَّـةِ الزَّهَـرْ .

    وَكُلّ دَمْعَةٍ مِنَ الجيَاعِ وَالعُرَاة

    وَكُلّ قَطْرَةٍ تُرَاقُ مِنْ دَمِ العَبِيدْ

    فَهيَ ابْتِسَامٌ في انْتِظَارِ مَبْسَمٍ جَدِيد

    أوْ حُلْمَةٌ تَوَرَّدَتْ عَلَى فَمِ الوَلِيــدْ

    في عَالَمِ الغَدِ الفَتِيِّ ، وَاهِب الحَيَاة !

    مَطَر ...

    مَطَر ...

    مَطَر ...

    سيُعْشِبُ العِرَاقُ بِالمَطَر ... "



    أصِيحُ بالخليج : " يا خَلِيجْ ...

    يا واهبَ اللؤلؤ ، والمحار ، والردى ! "

    فيرجعُ الصَّدَى

    كأنَّـهُ النشيجْ :

    " يا خليجْ

    يا واهبَ المحارِ والردى . "

    وينثر الخليجُ من هِبَاتِـهِ الكِثَارْ ،

    عَلَى الرِّمَالِ ، : رغوه الأُجَاجَ ، والمحار

    وما تبقَّى من عظام بائسٍ غريق

    من المهاجرين ظلّ يشرب الردى

    من لُجَّـة الخليج والقرار ،

    وفي العراق ألف أفعى تشرب الرحيقْ

    من زهرة يربُّها الرفاتُ بالندى .

    وأسمعُ الصَّدَى

    يرنُّ في الخليج

    " مطر .

    مطر ..

    مطر ...

    في كلِّ قطرةٍ من المطرْ

    حمراءُ أو صفراءُ من أَجِنَّـةِ الزَّهَـرْ .

    وكلّ دمعة من الجياع والعراة

    وكلّ قطرة تراق من دم العبيدْ

    فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد

    أو حُلْمَةٌ تورَّدتْ على فمِ الوليدْ

    في عالَمِ الغَدِ الفَتِيِّ ، واهب الحياة . "



    وَيَهْطُلُ المَطَرْ
    ..

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية **حلم المحيط**
    مشرفة سابقة
    تاريخ التسجيل
    10 2004
    الدولة
    قلب أمي
    المشاركات
    2,007

    رد : انشودة المطر قصيدة لمن اراد ان يتذوق الأدب

    رائعة هذه الانشودة
    كم أعشقها بالفعل
    تسافر بي إلى بعيــــــــــــــــــــــد
    شكراً لك أبا اسامة

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية بن ثابت
    إداري سابق
    تاريخ التسجيل
    12 2004
    الدولة
    رابغ
    المشاركات
    15,240

    رد : انشودة المطر قصيدة لمن اراد ان يتذوق الأدب

    من أكثر من عشر سنوات,

    وانا أسال نفسي أهي غزل أو رثاء أوهجاءحيرة:

    والان فقط وجدت الجوابنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    لك التحيه يا أخ أبو أسامه.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    اللهم ارحم موتى المسلمين واغفر ذنوبهم

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •