أجمع كل مواقفي ومشاهداتي اليومية العابرة ..البناية التي اسكنها والعزاب الأغراب .. الحارة وأهلها .. الشارع الذي أجزم أنني ساكتب منه مئة قصة وقصة .. بائع الفطائرالشاب اللطيف .. الإسكافي العجوز الهندي الغريب .. عامل النظافة الاسيوي .. وحكايات كثيرة أتمنى ان أكتبها .. قصصاً وروايات .. اتمنى ان اكتب قصة جميلة من احلام ساكني هذا الحي الغريب .. الليلة بالتحديد سأكتب عن طفل هو رمز من رموز هذا الحي ..هو فاكهة الحي وعبقه ..
طفل عاش مشرد وتربى في ازقة وشوارع الحي .. اسماه أطفال الحي –ريال- من كثرة ترديده للمارة والسكان ريال .. ولا احد يعرفه إلا ريال .. مسكين هذا الطفل الغريب .. لا يعرف المنزل ولا الاب ولا أم له يعرفها .. اسمه لا يعرفه .. حين سألته عن اسمه ؟ بادرني بسؤال محزن .. وما إسمك انت ؟ فأصمت وأعطيه ريال .
هذا الطفل الذي لم أعرفه الا متبسماً .. ضحكته البريئة تدفع الناس لأعطاءة ريال .. خاصة في هذا الوقت – العصر – يجلس في ذلك الشارع المكتظ بعشرات بل مئات الشباب .. طلاب جامعة كلهم أغراب .. الكل يعرف ريال ويحبه .. لأنه سيد الأغراب ..
في شقتي المتواضعة أفتح راديوا التلفزيون ومن خلال الاذاعة اليمنية استمع لبرنامج إهداءات .. إهداء من أحمد صالح الشربلي من الرياض الى الاحبه في اليمن السعيد نايف صالح الشربلي وعبده صالح الشربلي ونجيب القايدي ومهيب القايدي والخال العزيز مأمون الزبيري وحرمه في كندا .. غريب يهدي اهله الأغراب .. أغنيه .. تبدأ بدندنة الوتر الصنعاني الساحر التي تنقلني مباشرة لسفح صنعاء والغمام والمطر والوجه الحسن ونشيد ذلك الفنان الحزين ( ياريم وادي بنا يا أخجم .. يا ورد قد فاق أغصانه .... تتوالى الاهداءات من كل الغرباء .. يقاطع ذلك الإنغماس الصنعاني الجميل .. صوت طرق في الباب .. أفتح في وجه ريال .. يالله حتى شقتي تعرفها ..يضحك ريال ويعلمني ان احد المواقف القريبه من البناية شاغر وبإمكاني ايقاف سيارتي به .. يهتم بي هذا الصغير ولكن بريال طبعاً .. أجمع كل ما اعرفه عن هذا الطفل لكن هو من يمنعني ان أكتب معاناته .. بتصرفاته البريئة يعبر لي انه ليس من شاني أن أفكر في حكايته .. او ان احاول في ذلك .. يسألني عن عملي فأجيبه .. وأساله عن أمنيته حين يكبر فيشير لموضع الشارب في وجهه وقال (ابغى شنب) وسيارة زرقاء سريعة ..زرقاء لماذا .. لا احد يعلم الا ريال .. وكأنه يقول .. دعنا يا عزيزي نحلم فمن ابسط حقوقنا ان نحلم احلام جميله ونتخيل أنفسنا في كل مكان .. اننا ققص لا تنتهي .. وحين تنتهي تنتهي ..
في هذا الحي كل الغرباء سيعودون ذات يوم لأحضان مدنهم وبيوتهم وعائلاتهم .. إلا ريال .. هو سيد الغرباء في هذا الحي ..
غداً حين يكبر وينببت شاربه هل يعرفني ام يتمرد .. حين يملك إسماً كاملا يليق بشاربه المنتظر ..
ريفي
حمزه الكاملي
16/1/1426هـ جده