بعدما أن ينفخ اسرافيل عليه السلام في الصور النفخة الأولى تستوي الأرض من شدة الزلزلة فيموت أهل ‏الأرض جميعا وتموت ملائكة السبع سموات والحجب والسرادقات
والصافون والمسبحون ‏وحملة العرش وأهل سرادقات المجد والكروبيون ويبقى جبريل وميكائيل واسرافيل ‏وملك الموت عليهم السلام ‎
‏يقول الجبار جل جلاله : يا ‏ملك الموت من بقي؟ _ وهو أعلم_
فيقول ملك الموت :سيدي ومولاي أنت أعلم ,بقي إسرافيل وبقي ميكائيل وبقي جبريل وبقي عبدك الضعيف ملك الموت خاضع ذليل قد ذهلت نفسه ‏لعظيم ما عاين من الأهوال
فيقول له الجبار تبارك وتعالى : انطلق إلى جبريل فأقبض ‏روحه فينطلق إلى جبريل فيجده ساجدا راكعا

موت جبريل علية السلام
فيقول له : ما أغفلك عما يراد بك يا مسكين قد مات بنو ادم وأهل الدنيا والأرض والطير والسباع والهوام وسكان‏السموات وحملة العرش والكرسي والسرادقات
وسكان سدرة المنتهى وقد أمرني المولى بقبض روحك!
‏فعند ذلك يبكي جبريل عليه السلام ويقول متضرعاً إلى الله عز وجل :يا الله هون علي سكرات الموت
( يا الله هذا ملك كريم يتضرع ويطلب من الله بأن يهون عليه سكرات الموت وهو لم يعصي الله قط فما بالنا نحن البشر ونحن ساهون لا ‏نذكر الموت إلا قليل )
فيضمه ضمه فيخر جبريل منها صريعا
فيقول الجبار جل جلاله : من بقي يا ملك الموت_ وهو أعلم_
فيقول: مولاي وسيدي بقي ميكائيل وإسرافيل ‏وعبدك الضعيف ملك الموت
‏موت ميكائيل عليه السلام (الملك المكلف بالماء ‏والقطر )
فيقول الله عز وجل انطلق الى ميكائيل فأقبض روحه ,فينطلق الى ميكائيل ‏فيجده ينتظر المطر ليكيله على السحاب
فيقول له : ما أغفلك يا مسكين عما يراد بك !
ما بقي لبني ادم رزق ولا للأنعام ولا للوحوش ولا للهوام , قد أهلك أهل السموات والارضين وأهل الحجب والسرادقات وحملة العرش والكرسي وسرادقات المجد والكروبيون
والصافون والمسبحون وقد أمرني ربي بقبض روحك
فعند ذلك يبكي ميكائيل ‏ويتضرع إلى الله ويسأله أن يهون عليه سكرات الموت , فيحضنه ملك الموت
ويضمه ضمة‏ يقبض روحه فيخر صريعا ميتا لا روح فيه ,
فيقول الجبار جل جلاله : من بقي_وهو ‏أعلم _ يا ملك الموت؟
فيقول مولاي وسيدي أنت أعلم بقي إسرافيل وعبدك الضعيف ملك ‏الموت ‎‏ . ‏
موت إسرافيل عليه السلام ( الملك الموكل بنفخ الصور)‎‏ ‏
فيقول الجبار ‏تبارك وتعالى : انطلق إلى إسرافيل فاقبض روحه .
فينطلق كما أمره الجبار إلى ‏إسرافيل (واسرافيل ملك عظيم ) , فيقول له ما أغفلك يا مسكين عما يراد بك! قد ماتت ‏الخلائق كلها وما بقي أحد وقد أمرني الله بقبض روحك ,
فيقول إسرافيل: سبحان من ‏قهر العباد بالموت, سبحان من تفرد بالبقاء ,
ثم يقول مولاي هون علي مرارة الموت .
‏فيضمه ملك الموت ضمه يقبض فيها روحه فيخر صريعا
فلو كان أهل السموات والأرض ‏في السموات والأرض لماتوا كلهم من شدة وقعته ‎‏ . ‏

موت ملك الموت عليه ‏السلام ( الموكل بقبض الأرواح )
‏فيسأل الله ملك الموت من بقي يا ملك الموت؟ _ وهواعلم _
فيقول مولاي وسيدي أنت اعلم بمن بقي ,بقي عبدك الضعيف ملك الموت
فيقول ‏الجبار عز وجل : وعزتي وجلالي لأذيقنك ما أذقت عبادي انطلق بين الجنة والنار ومت , فينطلق بين الجنة والنار فيصيح صيحة لولا أن الله تبارك وتعالى
أمات ‏الخلائق لماتوا عن أخرهم من شدة صيحته فيموت ‎‏ .

‏ثم يطلع الله تبارك وتعالى إلى الدنيا
فيقول : يا دنيا أين أنهارك أين أشجارك وأين عمارك؟
أين الملوك وأبنا ء ‏الملوك وأين الجبابرة وأبناء الجبابرة؟
أين الذين أكلوا رزقي وتقلبوا في نعمتي ‏وعبدوا غيري,
لمن الملك اليوم؟
فلا يجيبه أحد ‎‏ ‏فيرد الله عز وجل
فيقول : الملك ‏لله الواحد القهار

‏سبحان الواحد القهار سبحان الفرد الصمد اللهم انا نشهد بأنك انت الله لا إله إلا أنت الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن ‏له كفواً احد

"يارب احسن وقوفنا بين يديك وهون علينا سكرات الموت"

المصدر: كتاب ابن ‏الجوزي رحمة الله ( بستان الواعظين ورياض السامعين)