وصل الأحبــّة .. حذيفة مدخلي

سلَت العيونُ ديارَ ناسٍ غيرها
وغـدت تراقبهـا وتطلـبُ ودّها

وغدوْت أقضي جلّ وقتي غافلاً
عن ذكرها. والنفسُ تغفَلُ ربهـا

قد صِرْتُ فيهنّ الأميــر مكانـةً
ونسى فؤادي وعدهُ و وعودها

ومضيت أفعَلُ كل سوءٍ جاهلاً
ظناً بأني كنتُ أضحكُ جهلها

قلـّـبتُ أمري ياترى هل قد سرَى
ذنبي إليها فثار فيها حــُزنها ؟

عينايَ تذكُرها وتذكــُر بــُئسها
يومَ الفراقِ وما أصابهُ دمعها

اليومُ أصحو قبل أن يغشاهما
كُفر الوعودِ ، فلا أكون رسولها

صبِّحْ بِلادَ الحُبِّ عنِّي، قـُل لها
ياصاحبي أنَّ الفــؤادَ محلــّها

ياموطناً تَحوي الأحبَّـةَ كلّهمْ
وعيونها ورموشها و نهودها

حسنــاءُ منها البدْرُ غضّ مهابةً
و الشمسُ تهـوي إن بَدتْ ألحاظها

قد طال بعدي عن ديار حبيبتي
و تقطعت كل الوسائل نحوها

يا صاحبي إني إليها سائرٌ
أهدي فؤاداً حيّرتَهُ عيونها

أهدي فؤاداً تائهاً في حيرةٍ
و عيونها ثكلى تسيل دموعها

*** ***

وبدتْ دموع حبيبتي عبرَ المدى
هتــّان حزنٍ فجرتهُ سمائها

فدخلتُ دارتها أكفكفُ معطفي
تحتَ الهطولِ و قد عزمتُ لقائها

و رأيتها وسطَ الحديقةِ تصطلي
ألماً على ما قد بدى منـّي لها

فأدارتِ الوجهَ الجميلَ حبيبتي
ومضت بعيداً لا ترى من زارها

فهصرتها نحوي لأمسحَ حزنها
ولمستُ وجنتها فزاد بكائها

فنشدتـُها حق المحبــّة بيننا
مالِ السماءِ كئيبةٌ أنوائها

أحبيبتي يامنْ تقمصكِ الهنا
مالي أرى عينيك ينضحُ مائها ؟

أبـَـكَيْتِ نهـراً عنـدما فـارقتني ؟
أم أن نـهراً فائضاً إجتاحها ؟


قالتْ حبيبي: إن نفسي هائمةْ
العــين تحكي والدموعُ كلامُها

قدْ كُنتَ في عيني حبيباً مُخلصاً
هجَرَ القُلى و أتى يريدُ رضائها

لكن حزني صار نهراً سائحا
جاب البلادَ مهدّماً أركانها


ويلي من العينِ السهيدَةِ تمتلي
دمعاً و تحكي قصةً تنتابها

يا منيتي كفي الدموع لنبتدي
أيـامَ سـَعدٍ باسِـمٌ عــنوانُهـا

ليكونَ فرحٌ دائـمٌ في يقضــةٍ
ليس المنامُ مصيرها أو دارها

اليــوْمَ آتـِـي للــجَرادِيَـةَ الَّـتي
حوتِ الجميلةَ فاستضاء قـِتامها

اليوم أكتُبُ قصتي في نشوةٍ
شعراً أخطُّ بكُحلِها في بـابها

*** ***
في داخلي طيْـــٌر يغــَرِّدُ حالمــاً
في فرحةٍ , ويحوم سعداً حولها

والزهــرُ يــرقـُصَ مـائلاً مـُـتلَـثِّماً
خجلاً من العين الكثيفِ سوادها

هي حلوتي، إن كان أتعبها النوى
اليــومَ نـأتـي طالبــينَ جــوارها

ننسى الذي قد فاتَ عنّا و انتهى
و نقولُ مرحاً قولها و جوابها

من ذا الذي يأبى وصالَ جميلةٍ
كالزهرةِ البيضاءِ تنثُرُ عِطرها

لهفـي علَيـْها كلَّـما جنّ الدُّجـى
و مضى السحابُ مغيماً أرجائها

إن كـانَ في وصْلِ الأحبة راحةٌ
فالسعدُ حظي و الهنا و شفاهَها

أو كان في وصْل الأحبةِ نقمــَـةٌ
فالقـَوْسُ قـَوسُها والسِّهام سهامها

بلّــغ بــِلادَ السّــعدِ أنّــي قائـــلٌ :
أنّ الـهـنا هُوَ قـُربها ووصـالهــا



حــُذيفة المدخلي
1432-4-24هـ