كنّتُ صغيراً على القهوة
لكنْ ..
ذاتَ مرةْ
ذقتُ فنجانَ أبي

قلتُ : أبي هذه القهوةُ مُرًةْ ،

يا أبي .. باللهِ سُكَّرْ ..

قال : دعها لستَ مجبرْ ..
قال جدي باسماً : مازال طفلاً

وأخي الأصغرُ يرمى غمزةً نحوي ويسخرْ
وأنا من خجلي
أصبحتُ أصغرْ ،

كان فنجانُ أبي
في المنتصفْ ،

رفع الفنجان َ
هوناً وارتشفْ ،

رشفةً أولى ..
وأخرى في شغفْ ،

ثم قال : يا بُنيَ هذه القهوةُ
تُدعى العربية ..
قد ورثناها من التاريخ ِ
سمراءَ نقية ..

فتعلّمْ كيف تصبرْ كلَّ مرة ..

يا بُنيَ
قهوةُ الأجدادِ حُرَّة ..

أيُّ طعمٍ ٍ
يتبقى عندما لا تصبحُ
القهوةُ مُرَّة ..!

********
هكذا الابتلاءات مُرّة ، ولكن المؤمِن الحَق مَن يتكيف معها ..

ألسنا نرى أن القهوة مرّة ؟
ومع هذه المرارة إلا أنّ الكثير يحبونها ! بل إنهم ليصِل بعضهم درجة الإدمان !!

وبعضهم يستهويه شربها مع شيءٍ حالي ، برغم أنّ الحلا لا يحتاج لمرارة القهوة ..
ولكن هكذا صارت الهواية ..

ألا ترون أن بعضهم يقول :
( القهوة تعدّل المزاج ) ؟
فالبلاء كذلك يعدّل الإنسان ، ويصقل شخصيته ويهذّب
حِدة طبعه ..

ووالله ، مهما رأى الإنسان مُرَّ البلاء فإنّ رحمةَ الله أوسع ..
وأنه ما اختار لعبده هذا الأمر إلا لصلاحِ أمره .

ألسنا نرى تفاوتًا في حُب القهوة المرة ؟ بين محبٍ وعاشقٍ ومدمن وكاره !

فالبلاء كذلك يختلِف تقبّل الناس له ..
بين راضٍ محبٍ للرحمن ، وبين صابرٍ محبٍ للرحمن ، وبين ساخطٍ غير راضٍ عن ربه .

أوَليست القهوة العربية يُكره معها وضع السكر لأن حلاوته تُفسِد الطعم ؟

فكذلك البلاء ..
يُكره معه ارتكاب معصية يتلذذ بها صاحبها ، لأنه يُفسِد على نفسه ما في البلاء مِن جزاء .

أليست القهوة مهما كثرت كميتها وتضاعفت .. لابدَّ لها
أن تنتهي ؟

فالبلاء كذلك لا بدّ أن ينتهي ..
وهذي سنّـة الرحمن وتدبيره .

* وأخيرًا ..
أليس المسلم يحمد الله إذا شرِب القهوة برغم مرارتها ؟

فكذلك فليفعل إذا ذاق مرارة البلاء ..
ولربما مرارةٌ تأتي ، يعقبها الله بأيام سرور .
سلِّم لقضــــــاءِ الله راضٍ *** فليسَ الهَمُّ حَلٌّ أو وِقايا
وقل يا ربُّ عوِّضني بخيرٍ *** فمَن غيركَ يا ربُّ رجايا ،

* لولا مرارة القَهْوَة *
هكذا هِي [ الحيااااة ]

منقووول لعيونكم