بسم الله الرحمن الرحيم
( 1 )
ـ عندما أبصرت الدنيا لحظت في عيون والدي ووالدتي الفرحة والسعادة بقدوم مولود جديد لهما ينظم لقافلة الأبناء في أسرة تجلب كل سنة " إنسانا " جديدا .
ـ لحظت وأنا أنمو " ببطء " أن منزلنا مزدحم بالأنفاس , وهذا الازدحام لايقابله ما يكفي من طعام وألعاب وأماكن للنوم والراحة .
.
ـ بالنسبة لي كان صدر أمي كافيا لي في الشهور الأولى لكنني أحسست بالجوع والفاقة عندما شارفت على تمام السنة الأولى , فوالدي كان دائم الغياب عن المنزل وأمي تصارع جيشها من الأفواه طوال الأربع وعشرين ساعة يوميا .
ـ عندما بدأت أخرج " ماشيا " على قدمي خارج حدود منزلنا عرفت أن منزلنا " زريبة " مقارنة ببعض المنازل المجاورة والقريبة ـ والبعيدة بعد ذلك .
ـ عرفت أن سر غياب والدي الدائم هو " الكدادة " لتأمين حاجاتنا اليومية قدر الإمكان ولا يجد وقتا في البيت إلا للنوم للعودة من جديد لنفس المهمة .
ـ كان أقراني ممن يماثلونني في العمر يرتفع قوامهم للأعلى يوما بعد آخر بعكسي أنا فإن طولي ثبت عند نقطة معينة بعد السنتين وبقي كذلك إلا من زيادة " لا تكاد تلحظ " .
ـ عندما بلغت السادسة كنت أقصر الطلاب في المدرسة ومثارللسخرية والاحتقار والاستهزاء من زملائي ومن المعلمين ومن محيط القرية التي أسكنها وأثر ذلك على إقبالي على الحياة وشغفي بالعالم الجديد خارج المنزل والقرية .
ـ بعد ثلاثة أسابيع من بداية العام الدراسي قررت التوقف عن الذهاب للمدرسة ورفضت حتى الخروج من البيت مطلقا .
يتبع ..
