البعض ينهار ويسأل: هل سأذهب لعملي غداً؟
أحذر مرض اسمه "التشخيص الخاطئ"
* في بعض الأحيان يشعر الإنسان كأنه تعرض لصاعقة من السماء، وذلك عندما يخبره الطبيب بمعلومات غير متوقعة تماماً بشأن مرض خطير أصابه، حينئذ يصاب كثير من الأشخاص بالهلع والفزع في البداية من هول الصدمة عند اكتشاف مثل هذه النتائج أو حالات التشخيص. ولكن ماذا ينتظر هؤلاء المرضى في الفترة الأولى بعد التشخيص، التي يمكن أن يشعروا فيها كما لو أن حياتهم الطويلة أوشكت على الانتهاء؟ عدم طمأنينة أو خوف أو غضب أو دفاع؟
تقول اختصاصية علم الأورام النفسي من مدينة مونستر غرب ألمانيا أندريا شوماخر، إن بعض المرضى يتعرضون لـ«صدمة» حقيقية عندما يتم التحدث إليهم للمرة الأولى بشأن إصابتهم بمرض السرطان. ويتفق الأطباء واختصاصيو علم النفس على مجموعة واسعة من المشاعر والأحاسيس المتباينة لدى المرضى أو أقاربهم، في المقابلة الأولى قلما يتم استيعاب المعلومات.
وأوضحت أندريا شوماخر أن أغلب الأشخاص يشتركون في شيء واحد، وتقول «في المقابلة الأولى لا تكون القدرة على استيعاب المعلومات كبيرة جداً لدى أغلب الأشخاص؛ إذ لا يتم إدراك الاختلافات البسيطة التي قد تكون جوهرية، خصوصاً عندما يتأثر الأشخاص عاطفياً بدرجة كبيرة للغاية»، فقد يتخيل بعض المرضى كما لو أنهم يسيرون في رحلتهم إلى مثواهم الأخير، على الرغم من أنهم لا يعانون في حقيقة الأمر أية أورام خبيثة.
وتستمر الطبيبة أندريا شوماخر، رئيسة الجمعية الألمانية لعلم الأورام النفسي في وصف حالة المرضى، وتقول «هناك بعض المرضى الذين لا يلقون بالاً لخطورة الوضع ويتصرفون كما لو كانوا يعانون حالة زكام أكثر سوءاً من المعتاد».
ويعايش طبيب الأطفال أكسل فون دير فينزه، رئيس وحدة العناية المركزة في مستشفى ألتونا للأطفال بمدينة هامبورغ شمال ألمانيا، الأمر نفسه ويقول «يجب الانطلاق من أن الآباء يستوعبون 20٪ حداً أقصى من المعلومات حول تشخيص مرض أطفالهم أثناء المقابلة الأولى معهم».
وينصح الخبراء باصطحاب أحد الأقارب أو الزملاء أو الأصدقاء إلى مثل هذه المقابلات قدر المستطاع.
كما يوصي فون دير فينزه بضرورة أن يتشجع المرضى ويسألون عن زيارات المتابعة، وكذلك عن توافر كتيبات أو عناوين مواقع على شبكة الإنترنت تدور حول الموضوع. ويقول الطبيب الألماني «الوضع المثالي هو أن تتم مناقشة جميع المعلومات التي يتم جمعها، لأنه يتوافر على شبكة الإنترنت الكثير من المعلومات التي يصعب على المرضى تصنيفها».
وأوضح طبيب الأطفال الألماني أن تدوين الأسئلة والاستفسارات وجمعها من الأمور المهمة أيضاً حتى لا تُنسى أثناء المقابلة مع الطبيب.
كما ينصح فون دير فينزه بأنه «من الأفضل تحديد موعد لمقابلة الأطباء بعد أيام، إذا كانوا في عجلة من أمرهم، كما أنه من المفيد أيضاً التوجه بالاستفسارات إلى شخص محدد وثابت في المستشفى، لأنه في حالة الشك يتعرف المرضى وأقاربهم إلى الكثير من التفاصيل والمعلومات عندما يسألون أشخاصاً مختلفين، وهو أمر يؤدي إلى الارتباك والحيرة فقط».
وتقول الطبيية الألمانية أندريا شوماخر إن معظم الأشخاص يصابون بعدم اليقين والثقة في الحياة، عندما يواجهون تشخيصاً غير متوقعاً، ويشعر كثير من المرضى بفقدان التحكم والسيطرة، كما أنه يكون من غير الواضح لدى كثير منهم مدى التغيير الذي يتعين عليهم إجراؤه في حياتهم. وقد يبدأ الأمر بسؤال بسيط على سبيل المثال: هل يمكنني الذهاب إلى العمل في الصباح؟
وتضيف شوماخر «من المهم جداً البحث عن أشخاص يكونون موضع ثقة، إذ ينبغي عليهم التأكد من أن المريض يفعل ويختار الأشياء الجيدة بالنسبة له بالفعل.
كما يحاول الخبراء إشراك المرضى بأقصى قدر ممكن، وذلك من خلال طرح الأسئلة التالية: ما الفحوص التي لم يتم إجراؤها؟ وما المستشفى الجيد، وما العلاج المناسب؟».
ويقول هندريك بيرت، من قسم علم النفس الطبي وعلم الاجتماع الطبي بالمستشفى الجامعي بمدينة دريسدن شرق ألمانيا «من المهم خلال الأيام الأولى بعد التشخيص أن نقول للمرضى وأقاربهم «قد يحدث هذا الأمر لأي شخص»؛ فهذا قد يخفف من الشعور بالتعب لديهم، ولكن بعد ذلك بفترة قصيرة يجب إخبار المريض بأنه «يمكنك فعل شيء ما، ويجب ألا تستسلم لهذا المرض».
وقد تكون هذه الأشياء التي يمكن القيام بها تغيير النظام الغذائي مثلاً. ومن الأمور المهمة أيضاً أن تجعل الأشخاص يعتقدون أنه يمكنهم التصرف بأنفسهم في المواقف الصعبة أيضاً.
يتبع




رد مع اقتباس