بسم الله الرحمن الرحيم ..... السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


تحيه طيبه .....




مصطلح انفتاح اصبح من الكلمات الدارجة في كل قطر ومصر مما كثر حوله الاسهاب في التعريف والاحتضان له من افراد ومن جماعات والاعلام بشكل عام له الاهمية الاول في هذه النقلة النوعية في نشر هذا المصطلح ..
في حقيقة الامر مفهوم الانفتاح مفهوماً متشابك من حيث العقليات ومفهوميتها له ويحتاج منا الى الاكثير ولعلنا نضيف ما هو اهم حول مفهوم الانفتاح في هذا الموضوع......
مفهوم الانفتاح مرتبط بمفهوم الحرية فهو شكل من أشكالها وهي ظاهرة إنسانية اجتماعية تخضع للعديد من المعايير وهي مفهوم يتسع وينكمش تبعا للرؤى والفلسفات التي تختلف من مكان الى مكان وتحكمها ضروف المكان والزمان هذا من ناحية مفهوم وارتباط مصطلح انفتاح مع الحرية قد يكون العالم بأسره مختلفاً على تعريف الانفتاح ولكنهم يتفقون على اتفاق عام مفاده أنه لا يمكن أن تكون هناك حرية مطلقة للإنسان وهذا الاتفاق سببه ارتباط الإنسان الاجتماعي مع الجماعات الاخرى الذي تفرض عليه الطبيعة والروابط الاجتماعية وجود ارضية يستريح عليها لمواكبة اعماله ولا بد له من الخضوع لقوانين المكان والعمل موافقاً لها فالانسان مكلف بضبط سلوكه وفق التشريع الذي يخدم الحقوق ويصب في المصلحة العامه ويكون ذلك على مستويات عدة اولها دينية وإعلامية وثقافية واجتماعية أو على اقل التقدير ( قل خيراً او اصمت ) وأذا كان الانفتاح شكلاً من اشكال الحرية اذاً هو سلوك انساني مؤطراً بتكليف تفرضه الطبيعة الاجتماعية والقناعات الفكرية والثوابت الدينية والعقدية
لقد خلق الله سبحانه الإنسان لعبادته وستخلفه في الارض لا قامتها وعمارتها وهو متحرك حركة دائمة في الخير أو في الشر وأمره الله تعالى أن تكون حركته في الخير وهو تحقيق ما أمر الله به وترك ما نهى عنه وهذا أعظم ما تعمر به الأرض إن الاستخلاف في الأرض قدرة على العمارة والإصلاح عمارتها بإقامة دين الله تعالى فيها وتطبيق شرعه وتنفيذ أمره وإرادته في حياة الناس وهذا يدل على أن التزام الشريعة نفسها والعمل بها وبناء على ذلك فليس هناك مجال للقول بضرورة (التحرر)هذه الحقيقة الكبرى التي يجهلها أو يتجاهلها الكثير ممن يدعو الى الانفتاح المعاصر الذي يجتاح القيم من جذوريها لها أهميةٌ عظيمة في بناء الإنسان والمجتمع والتعامل مع كل ما حوله من الأفكار والمناهج والآراء والفلسفات ومن رحمة الله تعالى بالإنسان أنه لَم يوكل له صنع تصوره الاعتقادي ومنهجه التشريعي فالإنسان يعتريه الهوى والجهل فهو اعجز واضعف من العمل على ذلك ولذا كان الدين بعقائده وتشريعاته منحة إلهية من العليم الحكيم أن الشريعة الإسلامية حثت على الانفتاح من خلال الحث على العلم والتعلم والأمر بالنظر والتفكر والإسلام ابداً لا يرفض الاطلاع على أفكار ومذاهب الآخرين بعد تحقق الضوابط وهي العلم بالإسلام والاعتزاز به والثقة فيه ومقصود هذه الضوابط المحافظة على العقل الإسلامي من التخبط في الشبهات ولما تنكب البعض هذه الضوابط ساروا في طريق الحيرة والتيه والانحراف العقدي .. فأن كل من يدعو الى الانفتاح التحرري ويعمل على ما يعكس الصورة غير المنضبطة على المجتمع تحت مظلة الحرية الشخصية هو جاهل فعندما يفرض احدهم رأي ويدعو له ويتعصب له داخلاً ضمن الفكر الحداثي بما يؤثر سلباً على شريحة كبيرة في المجتمع وأعلنها صريحة هذه (حرية شخصية ) فأنه بذلك قد كسّر قوانيين التشريع الانساني وهدم البناء بدل ان يقيم الاصلاح والترميم لان هذا ليس من الحرية الشخصية لا سيما ان الانسان محكوم بشروط وهو مسيراً حسب منهجاً الهي لا ينبغي الخروج عنه وهذا هو أحد أسباب نَهي النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب والإنكار عليه عندما رأى في يده صحائف من التوراة فقال له أمتهوِكون فيها يا ابن الخطاب؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني فالحرية مدارهما على التشريع سواء كان مصدر هذا التشريع قانوني وضعي أم شرعي أو ميثاق متفق عليه أو أي شكل من أشكال التشريع والحضارات جميعها تقوم على أساس التشريع ونحن المسلمين تشريعنا ينبثق من كتاب الله الكريم وسنة النبي الامين هذا التشريع الالهي الصالح لكل زماناً ومكان لا يقبل التغيير والتعديل والاضافات هذا الدين الاسلامي من قبل اكثر من 1400 عام كان من أكثر الحضارات انفتاحاً على الشعوب كلها تلك الحضارات التي مارست الانغلاق على شعوبها وعملت على قطع كل وسيلة من شأنها العمل على تبصير وتنوير تلك الشعوب خوفاً من أن يأتي يوم فتثور عليها وتستأسد ومع ذلك واصل العرب انفتاحهم على الغرب فانتشر الطب والفلك والرياضيات والفنون وكل علم يحترم الملل والعادات والمبادئ وقد قال احد العرب مرة (يكفي أننا كنا في الأندلس نمشي في شوارعها وهي مضاءة بمصابيح بينما كانت شوارع باريس معتمة مظلمة أليس هذا دليلاً على أننا أصحاب حضارة منفتحة) اذا ما هو الانقتاح الذي نحن مطالبون به؟ ومفروض علينا؟ هل بمعنى الإذعان والتقليد ومسايرة سلوكيات ومبادئ ومعاملات فُرضت علينا فرضاً كي نتجرد من عاداتنا وتقاليدنا ونطمس على سنن وواجبات فرضها الشرعنا الحكيم ..تلك المبادئ والسلوكيات التي عملت وتعمل على تهديم مبادئنا والقضاء على ما بقي من غيرتنا؟ بينما نجد في الدول الغربية التي تدعي الانفتاح تعمل على اتباع سياسة التعتيم الإعلامي الموجه والمقصود لشعوبها والذي اكثر شبانا مغرماً بالاستطلاع والتقليد الاعمى لها وأخذ الثقافة دون التقنية اننا في غور مشكلة ستغير تغيراً جذري في حياة شبابنا وقد أصبح الالتزام بالدين علامة على الانغلاق والجمود وتحطيمه والهروب منه علامةٌ على الانفتاح الفكري.. وقد ظهر في المسلمين كثيراً ممن يطالب باقتفاء أثر الغرب في كل شيء معتبرًا ذلك من التنوير والتطوير وهذا يدل على الجهل الذي خيم على عقولهم ....أن التربية القرآنية قد نمت الوعي والانفتاح العلمي من حيث بناء العقيدة الإسلامية ومن حيث نقد المخالفين لها ولهذا نجد أن الله تعالى يطالب من يعارض عقيدة الإسلام بالبراهين المقنعة (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) لأن القرآن تضمن الأدلة بما يكفي المنصف الذي يريد الحق أما المكابر والمعاند فلا تقنعه رؤية الشمس عيانًاً بياناً.