مات أبوه وهو في الخامسة من العمر تولت أمه تربيته فقد كانت تخرج بذلك القطيع من الغنم الذي ورثه

أبوه,كبر مهند وكبرت أمه وكلما تقدم العمر باعت شيئاً من أغنامها لتفي بالتزاماته الدراسية.

تخرج من الثانوية ولم يبقى معها شيء فقد أعجزها المرض وتقدم السن عن الرعي , كان يصبرها أملها في

ولدها الذي حباه الله ذكاءً وخلقاً.

دخل الجامعة وكان أكثر ما يؤرقه مشاوير أمه للمستشفى البعيد فقد كانت تجري غسيل كلى يومين في الأسبوع وكان ما

يأتيها من الضمان الاجتماعي إضافة للمكافأة الجامعية التي يستلمها مهند بالكاد تكفي لضروريات الحياة في وسط الغلاء

الفاحش المتزايد للأسعار بسبب وبدون سبب.

دخل في عام 1423هـ بيته يكاد يطير فرحاً فقد حصل على الشهادة الجامعية بتقدير ممتاز

_ أمي لقد نجحت

_ مبروك يا مهند أخيراً سأفرح برؤية أحفادي

_ إن شاء الله بس قبل ذلك سننتقل إلى جازان

_ ليش؟؟!!

_ عشان تكونين قريبة من المستشفى

هنا دخلت جارتها وبعد أن عرفت الخبر أطلقت زغرودة رقص معها قلب ابنتها ليلى في العشة المجاورة .

بعد عودة أمها

ليلى: أمي ليش الزغاريد؟؟!!

تخرج مهند من الجامعة ثم قالت مداعبة ابنتها جهزي نفسك ياليلى

ابتسمت ليلى بخجل فقد كانا من الصغر ( ليلى لمهند ومهند لليلى)

لم يقتصر الفرح على الجارتين وابنيهما بل تعداه لجميع أبناء القرية الصغيرة _ إن صح تسميتها قرية_ فمهند أول خريج

جامعي منها وكان فخراً لهم بأخلاقه قبل شهادته.

تبيت ليلى تناجي النجوم تتذكر حينما كانا في طفولتهما يلهوان معاً ويطاردان الصغار من أغنام والده.

تبسمت وهي تتذكر عند نزول المطر كيف يخرجان فرحاً للبحث عن ( جدة المطر) والتي يسميها البعض بنت المطر كما في

التراث الإماراتي ويتسابقان لجمع أكبر عدد منها .

هاهو الأمل يشرق باسماً فغداً سيتوظف ويضمهما سقف واحد.

ويبيت مهند يعد الليالي من أجل أمه قبل ليلى ينتظر بفرح وشوق خبر تعيينه .

مضى الشهر والشهران والسنة والسنتان أفل الحلم وازدادت الأحزان فتخصصه ليس له في الواقع مكان.