نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


فنجان قهوة (( عبق الذكريات ))


هناك في الحديقة جلس ليرتشف قهوة الصباح

برفقة صوت الحسّون ، و عبق الياسمين ينثر عطره الفوّاح

هائما في فضاءات الهوى

ارتجفت أنامله الدقيقة و هي تمسك بالفنجان

و تألّقت تلك العيون لتزداد فتونا ينبئ عن خبايا الشوق

و كعادته ابتسم و هو يمسح بكفّه الحانية على رأس طفل يلهو بالقرب

تملأ ضحكاته البريئة الكون مرحا و سرورا

احتسى القهوة في هدوء ثمّ غادر المكان ....

ترك ذاك الفنجان على طاولة السنديان لتنفخ فيه الريح معلنة

عن وحشة تحتضن الوجود

كم هو حزين وقت المساء حين لا يكون هو هنا

يعبّق الأجواء عطر أنفاسه، و كم هي غريبة ألحان

الطيور كأنها صامتة و هي تشدو

ذبلت أوراق الورد و اكتست لون السواد

ذرفت دموعا تعتنق الوحدة في غيابه

و ها هو مقعده ينتظر و هاتيك الحديقة و طيور الحسّون

يرتقبون الصباح بلهفة المشتاق، و إذ به يطلّ كبدر في ليلة التمام

فتزهو الحياة من جديد و تبتسم الورود لترقص على نغمات النسيم

و لا شيء غير رائحة القهوة و هو يحتسيها في هدوء....