( شُوَاظٌ من شِعْر )


لا تسلني يا صديقي عن غيابي
رجع صمتي هو خيرٌ من جوابي
لم أعدْ أفطنُ عيشي مثل أمسي
كان أمسي محضَ حلمٍ من سرابِ
لا تسلني ولماذا كان صمتي ؟!
ربَّ صمتٍ هو أجدى من خطابِ
ما لشعري ؟! هكذا شعري شُواظٌ
ليتني أمنعُ شعري بعض َمابي
يا صديقي كيف أصبحْنا دروبًا
كيف بعد القربِ بتنا في اغترابِ؟!
نجتدي الرزقَ ولو فيه امتعاضٌ
هكذا الرزقُ ولودٌ في المصابِ
ربَّ سعيِّ لم تُرده النفسُ أدعى
أن يجاري ما أردنا من طلابِ
حين نادتْ بي القطيفُ انتفضتْ
في عيوني راجماتٌ من عذابِ
كنتُ أبكي ليس خوفَ الغدرِ كلاّ
ليس مثلي من يخافُ على الرقابِ
كنتُ أبكي خوفَ هجْري من دياري
خوفَ حضنٍ فيه قبري ومثابي
يا صديقي إنْ أجدْتَ البُعْدَ بَعْدِي
وتغنَّيتَ بأرضٍ وشِعَابِ
وأبى مثلكَ أنْ يأوي إلينا
وتبدلتَ صحابًا بصحابِ
وتناسيتَ زمانًا ومكانًا
وتماديتَ بهجرٍ وغيابِ
فَلَنَا في ذكرياتِ الأمسِ وعدٌ
لم يزلْ تَعْشَرُ يذكره بدابِ *
يا صديقي ربّما تهجرُ أرضًا
وبأرضٍ تبتغي بعضَ سرابِ
وبأرضٍ تبتني فيها ملاذًا
وبأخرى، لاهثًا مثل الكلابِ
أوَ تدري يا صديقي أين تمضي؟
حين يجثو الموتُ بحثًا عن حسابِ
سوف تغدو يا صديقي في قفارٍ
حين تغدو يا صديقي في الترابِ


الأثنين ١٨ / ٩ / ١٤٣٣


-----------
* خففت للضرورة