(‎قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـٰرِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ)‏
الطبرى

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ‏ذَلِكَ أَزْكَىَ لَهُمْ إِنّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }.‏
‏ يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: قُلْ للـمؤْمِنـينَ بـالله وبك يا ‏مـحمد يَغُضّوا مِنْ أبْصَارِهِمْ يقول: يكفوا من نظرهم إلـى ما يشتهون النظر إلـيه مـما قد ‏نهاهم الله عن النظر إلـيه. وَيحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ أن يراها مَنْ لا يحلّ له رؤيتها, بلبس ما ‏يسترها عن أبصارهم. ذلكَ أزْكَى لَهُمْ يقول: فإنّ غضها من النظر عما لا يحلّ النظر إلـيه ‏وحفظ الفرج عن أن يظهر لأبصار الناظرين, أطهر لهم عند الله وأفضل. إنّ اللّهُ خَبِـيرٌ بِـمَا ‏يَصْنَعُونَ يقول: إن الله ذو خبرة بـما تصنعون أيها الناس فـيـما أمركم به من غضّ ‏أبصاركم عما أمركم بـالغضّ عنه وحفظ فروجكم عن إظهارها لـمن نهاكم عن إظهارها له.‏
‏ وبنـحو ما قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:‏
‏ ـ حدثنـي علـيّ بن سهل الرّملـيّ, قال: حدثنا حجاج, قال: حدثنا أبو جعفر, عن ‏الربـيع بن أنس, عن أبـي العالـية فـي قوله: قُلْ للْـمُؤمِنـينَ يَغُضّوا مِنْ أبْصَارِهِمْ ‏وَيحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ قال: كل فرج ذُكِر حفظة فـي القرآن فهو من الزنا, إلا هذه: وَقُلْ ‏للْـمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أبْصَارِهِنّ وَيحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ فإنه يعنـي الستر.‏
‏ ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن ‏عبـاس, قوله: قُلْ للْـمُؤْمِنِـينَ يَغُضّوا مِنْ أبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ وَقُلْ للْـمُؤْمِناتِ ‏يَغْضُضْنَ مِنْ أبْصَارِهِنّ وَيحفَظْنَ فُرُوجَهُنّ قال: يغضوا أبصارهم عما يكره الله.‏
‏ ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: قُلْ للْـمُؤْمِنِـينَ ‏يَغُضّوا مِنْ أبْصَارِهِمْ قال: يغضّ من بصره: أن ينظر إلـى ما لا يحلّ له, إذا رأى ما لا يحلّ ‏له غضّ من بصره, لا ينظر إلـيه, ولا يستطيع أحد أن يغضّ بصره كله, إنـما قال الله: قُلْ ‏لِلْـمُؤْمِنِـينَ يَغُضّوا مِنْ أبْصَارِهِمْ.‏