قال تعالى: {وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌلَّهُ عِندَ رَبِّهِ} سورة الحج الآية 30.

وقال تعالى: {لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} - سورة الحجر آية 88.

عن أبى موسى قال: قال رسول الله صلى الله علية وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه) متفق عليه.

(المؤمن للمؤمن كالبنيان) فالمؤمن مبتدأ،وقوله كالبنيان خبره.

وقوله يشد بعضه بعضا) جملةاستئنافية لبيان وجه الشبه، قال القرطبى: هذا تمثيل يفيد الحض على معاونة المؤمن للمؤمن ونصرته، وأن ذلك أمر متأكد لابد منه، فان البناء لا يتم ولا تحصل فائدته إلابأن يكون بعضه يمسك بعضا ويقويه. وان لم يكن ذلك انحلت أجزاؤه وخرب بناؤه، وكذاالمؤمن لا يشتغل بأمر دنياه و دينه إلا بمعاونة أخيه ومناصرته.

(وشبك) يحتملأن يكون النبى وأن يكون الراوى.

(بين أصابعه) وذلك تقريب لوجه التشبيه وبيانللتداخل.

(متفق عليه) أخرجه البخارى فى الصلاة والأدب، ومسلم فى الأدب،ورواه الترمذى فى الزهد، والنسائى فى الإيمان.

وعن أنس رضى الله عنه عنالنبى صلى الله علية وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) متفق عليه.

(لا يؤمن أحدكم) أى إيمانا كاملا.

(حتى يحب لأخيه) أى المسلم فيجب على كل مسلم من حيث انه مسلم أن لا يخص أحدا منهم دون الأخر لأن إضافة المفردتفيد العموم.

(ما يحب لنفسه) من الطاعات و المباحات، و يبغض له ما يبغضه لنفسه.

قال العلماء فى هذا الحديث من الفقه أن المؤمن مع المؤمن كالنفس الواحدة فينبغى أن يحب له ما يحب لنفسه من حيث انها نفس واحدة كما فى الحديث (المسلمون كالجسد الواحد).

وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله علية وسلم قال: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يسلمه، من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن سترمسلما ستره الله يوم القيامة) متفق عليه.

(المسلم أخو المسلم) قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} قال البيضاوى: أى من حيث أنهم منسوبون إلى أصل هو الإيمان.

(لا يظلمه) بأن يأخذ من ماله أو حقه بغصب أو نحوه، ولا يسلمه إلى عدو متعد عليه عدوانا، بل ينصره ويدفع الظلم عنه و يدفعه عن الظلم.

(ولايسلمه) إلى عدوه ونه نفسه التى هى أمارة بالسوء والشيطان، فيحول بينه وبين دواعى النفس من الشهوات، وبينه وبين الشيطان الذى يأمره بالسوء والفحشاء، وبينه وبين العدو الباغى عليه بالظلم والاعتداء.

(من كان فى حاجة أخيه كان الله فىحاجته) أى كل ما يحتاج إليه، كان الله فى حاجته جزاء له وثوابا له كما قال تعالى: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}.

وروى الطبرانى مرفوعا (من سعى فى حاجة أخيه المسلم قضيت له أو لم تقض غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وكتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق) وأورده فى الفتح المبين شرح الأربعين.

(ومن فرج عن مسلم كربة) بتشديد الراء و ضم الكاف: الهم الذى يأخذالنفس.

(فرج الله عنه بها) بتلك المرة من التفريج.

(كربة من كرب يوم القيامة) جمع قربة كقربة وقرب.

(ومن ستر مسلما) بأن علم منه معصية فيما مضى فلم يخبر بها حاكما وهذا للندب، إذ لو لم يستره ورفعه لحاكم لم يأثم إجماعا بلارتكب خلاف الأولى أو مكروها، أما كشفها لغير الحاكم كالتحدث بها فذلك غيبة شديدةالإثم والوزر، ويندب لمن جاءه تائب نادم أقر بحد ولم يفسره أن لا يستفسره بل يأمره بستر نفسه كما.

(ستره الله يوم القيامة) أى لا يعاقبه الله على ما فرط منه لأنه تعالى كريم، وستر العورة من الحياء والكرم، ففيه تخلق بخلق الله، والله يحب المتخلق بأخلاقه.


اللهم ارزقنا

مكارم الأخلاق

وباعد بيننا وبين

كل كذابٍ أفاَّق

واجعلنا أحباءً

فيك يارب العالمين

آمين أمين آمين