السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


المصيبة التي تصيب العبد ، ويؤمر بالصبر عليها ، ويثاب

على ذلك نوعان :

الأولى

ـ مصيبة تأتيه بغير اختياره وعمله؛ كفقد الأحباب، والمكاره

التي تصيبه في بدنه ، أو قلبه ، أو ماله ، أو حبيبه ، فمـــن

نعمة الله على المؤمن أنــه إذا قام بوظيفة الصبر والرّضى

واحتساب الأجر ؛ أعطاه الله أجره بغير حساب .



ـ والنــوع الثـاني : المصيبة التي تنال المؤمن بأسباب عمله

الصالح؛ كالجهاد، والحج، والقيام بالأمر بالمعروف، والنهي

عـن المنكر ؛ فهذه تشارك الأولى في ثوابها والصبر عليها ،

وتزيد عليها بشرف سببها ؛ حيـــث نشأت عــن طاعة الله ؛

فكانت أسبابها خير الأسباب، وثمراتها خير الثمار ، وكانت

مع ذلك تابعة لتلك الطاعة والعبادة التي قام بها العبد .


قــال تعـــالى فــي المجــاهدين ( لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ

وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) التوبة : 120 ، الآية .


وقــال ( وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ

يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ

اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) النساء : 104.


( وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ

خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) آل عمران : 157.


وهذه أيضاً يعان عليها العبد ما لا يعان على الأخرى ؛ فــإن

الله تعالى شكور يشكر عبده الذي قام بمراضيه بأنواع مــن

الثواب في قلبه وإيمانه وثوابه والتحمل عنه ، وربمـــا

استحلاها المؤمنون بحسب إيمانهم .


وهنا مصيبة ثالثة تكون من أسباب عمله بالمعاصي ؛ فهـذه

إذا اقترن بها الصبر والاحتساب؛ كانت من مكفرات الخطايا،

وإلا فهي تابعة للسيئات ونموذج للعقوبات . والله أعلم .



كتاب : مجموع الفوائد واقتناص الأوابد ( ص 71 )


للشيخ عبد الرحمن السعدي