مرثية للشاعر / علي بن علي رديش دغريري


في أبنه " مالك " الذي وافاه الأجل
قبل إنطلاقة العام الدراسي الماضي 1432-1433هـ


الذي يبلغ من العمر حوالي 14 عام
في حادث انقلاب بسيارة والده في قرية الدغارير




عنوان هذه المرثية

* تَــقَــبّــحَ الـمــــوتُ *




اليومَ عَـنّـي لـمـاذا غِـبْـت ؟ لـي عَـتَـبٌ

يـا حُـجّـة الله! لَـمْ تَـسْـمَـعْ إلـى عَـتَـبـي



هـذا الصباحَ لِـمـاذا لا أراكَ , ولا

فـي قَـبْـضـتَـيـكَ يَـدي [ قـُمْ للـدّوام أبـي ] ؟


ولا تَـلُـوحُ كـمـا المـعـتـاد مُـكْـتَـسِـيـاً

بَـشـاشـة الـصّـبْـحِ فـي أثْـوابـِـكَ القُـشُـبِ



هـذا الصـباحَ وَحـيـدَ الـدّرْبِ تَـلْـفَـحُـنـي

ريْـحُ الشّـتـاتِ , وروحـي رُوحُ مُـغْـتَـربِ



هـذا الصّـبـاحَ بـِـحَـلـْـقـي حُـنْـقَـتـي احْـتَـبَـسَـتْ

أمْـشـي عـلـى كَـسْـر قـلـْـبـي مَـشْـيَ مُـضْـطـَربِ



أمْـشـي وطـَـيْـفُـك خُـطـْواتـي يـسـابـقُـهـا

يَـطـُوف حـولـيَ , يَـحْـمـيـنـي من اللّـهَـبِ



عَـيْـنـي تُـفَـتّـشُ عـن عَـيْـنَـيْـكَ , كـلَّ مَـمَـر

كـلّ زاويـةٍ , فـي وَجْـه كـلِّ صَـبـِي



وفـي عُـيُـون رفـاق الـدّرْس أسْـئـلـة

بَرمْـت من وَخْـزهـا فـي صَـدْريَ الخَـربِ



تَـقَـبّـحَ المـوتُ , لا روحـاً ولا جَـسَـداً

مـا غِـبـْتَ عـنّـي - وربِّ البَيتِ - لمْ تَغِـبِ



فمـا تَـزالُ مَـعـي , من كـــلّ ناحِـيَـة

أراكَ من لـَعِـبٍ آتٍ , إلـى لـَعِـبِ



وصَوتُـكَ المُـشـْتَـهـى مـا زلـْتُ أسْـمَـعُـه

[ ياباه .. ياباه ] إذ تَـشـْتَـدُّ فـي طـَلـَبـي



أراكَ مُـبْتَهـِجـاً بـيـن الـرفــاق هــنــا

أراكَ فـي الـدّرْس وَجْـهـاً زيْـن بالأدَبِ



أراكَ بـيـنَ ثـَنـايـا الحَرْفِ , في لُـغـتـي

بـيـن الـدفـاتـر والأقـلام والـكُـتـُبِ



أظـُنُّ مِـنّـي شَبـِعْـتَ الآنَ يـا زَمَـنـي

لـمْ يَـبْـقَ فـي مُـهْـجَـتـي شـئُ لـمُـنْـتَـهـِبِ



أشْـكـو جِـراحَـكَ , ولكـنْ رغْـم كَـثْـرتِـهـا

قـلـْبي بجَـرْح ِ كـهـذا الـجَـرْح لـمْ تُـصِـبِ



خَـداعـة هـذه الـدّنْـيـا , وإنْ ضَـحِكـَتْ

فـكـلـّهـا كَــــذِبٌ , والله فـي كـَـــذِبِ



خّـداعـة هـذه الـدّنْـيـا , إذا انـْقـَـلـَبَـتْ

عـلـيـكَ فـي لـَحـْظـةٍ يـا سـوءَ مُـنْـقَـلـَبِ !



يـا [ مـالِـكَ ] القَـلـْبِ , مِـنْ دَنْـيـايَ خُـذ بـِيَـدي

إلـيـكَ خُـذنـي , عـسـى أرتـاحُ من تـَـعَـبـي



يـا أمْـنِـيـاتِ خَـريـفِ العـمْـر فـي شـَـفَـتـي

يـا خَـيْـرَ كَـسْـبـي من الـدنْـيـا ومُـكْـتَـسَـبـي



مـالـي أنـاديـكَ لـكـنْ لا تُـجـِـيـبُ نِـدا

ومـا عَـهـِـدْتُـكَ إنْ نـادَيْـتُ لـمْ تُـجـِـبِ



تَـعـالَ , كـلُّ فِـنـاءٍ يَـشْـتـهـي شَـغَـبـاً

مَنْ حـولـنـا يَـملأ الـسـاحـاتِ بالـشّـغَـبِ ؟



تـعـالَ كَـسّـر أثاثَ البـيـتِ أجْمَـعَـه

لـو شِـئـْتَ تَـقـْـلِـبُـه رأسـاً عـلـى عَـقِـبِ



تَـعـالَ أمُّـكَ مـهـمـا عِـثـْتَ مـا غَـضِـبَـتْ

مـن ناظـرَيْـهـا تَـلاشَـتْ ثَـوْرَة ُالـغَـضـَبِ



تـعـال , كـمْ أنت أنْـسُ فـي الـهـدوء مَـعـي !

ومـا ألـَذْكَ فـي الضّـوضـاء والـصّـخَـبِ !



لِـمَـنْ تَرَكْـتَ أبـاً ؟ كـلُّ الـذي مَـعَـه

مِـنْ رُوحِـه الأسْـمُ ,إلا ّقـلـْبُ مُـنْـتَـحـِبِ



لِـمَـنْ بـذا البـيـت وَحْـدي ؟ مَـنْ يُـشـاغِـبُـنـي

خَـلـْفَ الـشّـبـابـيـك والأبْـواب والحُـجُـبِ ؟



مُـرُّ فِـراقـُكَ مُـرُّ , والـحـيـاةُ غَـدَتْ

أمَـرُ بـعـدكَ مِـنْ هَـمـي , ومِـنْ كُـرَبـي



مُـرُّ فِـراقـُكَ مُـرُّ , لـكـنّ الإلـهَ قـَضـى

فـحَـسْـبـيَ اللهُ , حَـسْـبـي صَـبْـرُ مُـحْـتَـسِـبِ