اسم الكاتب : د. علي الصلابي




التاريخ الإسلامي هل دخله تشويه وتحريف؟

ومن قام بهذا؟

ولماذا؟ ولصالح من؟



التاريخ الإسلامي لم يسلم من تشويه المشوهين له ‏والمبطنين العداء والمظهرين للإسلام فكانت فرق شتي ‏تحارب الإسلام وتشوه تاريخ الذي هو مصدر فخره وعزه ‏وتأريخه، فنحن هنا في هذا المقال نعرج علي بحث سريع ‏لفضيلة الدكتور " علي الصلابي" حول تشويه التاريخ ‏الإسلامي.

‏ التاريخ الإسلامي هو مادة مليئة بالأحداث التي تدل علي ‏حضارتنا وتاريخنا الذي هو مصدر عزنا وفخرنا في حاضرنا ‏ومستقبلنا فلذلك اشتد في ساحته الحرب التشويهية ‏للقضاة علي الهوية الإسلامية المشرقة وإبراز ما يخدم ‏قضايا أعدائنا وكره الناس لديننا هذا ما فعله رجال التشويه ‏من كل الفرق علي مر التاريخ فظهر الرافضة" الشيعة" ‏وظهر الخوارج، وظهر المستشرقين، كلهم شوه تاريخنا، ‏ففي هذا البحث تبيان لنا كيف كانت وسائل هؤلاء المشوهين ‏وهل حقاً كانت هنا وسائل.‏

أولا يذكر الكاتب الوسائل لتي استخدمها الشيعة لتشويه ‏التاريخ:

لابد لكل عدو من وسائل يحارب بها عدوه،ومن الوسائل ‏التي استخدمت لغرض تحريف الوقائع التاريخية وتشويه ‏سير رجال الصدر الأول من الصحابة والتابعين فهي كثيرة ‏ونذكر منها:‏

• الاختلاق والكذب.‏

• الإتيان بخبر أو حادثة صحيحة فيزيدون فيها وينقصون منها ‏حتى تتشوه وتخرج عن أصلها.‏

• وضع الخبر في غير سياقه حتى ينحرف عن معناه ‏ومقصده, والتأويل والتفسير الباطل للأحداث.‏

• إبراز المثالب والأخطاء وإخفاء الحقائق المستقيمة.‏

• صناعة الأشعار وانتحالها لتأييد حوادث تاريخية مدعاة لأن ‏الشعر العربي ينظر له كوثيقة تاريخية ومستند يساعد في ‏توثيق الخبر وتأييده.‏

وضع الكتب والرسائل المكذوبة ونحلها لعلماء وشخصيات ‏مشهورة, كما وضعت الرافضة كتاب «الإمامة والسياسة» ‏الذي نسبته إلى أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة ‏الدينوري لشهرته عند أهل السنة وثقتهم به كما مر معنا.‏

ويتابع الكاتب حديثه قائلا

"وقد تلقف هذه الأكاذيب والتحريفات في القرن الماضي ‏علماء الغرب وكتابه من المستشرقين والمنصرين -إبان ‏غزوهم واستعمارهم للبلدان الإسلامية- فوجدوا فيها ‏ضالتهم, وأخذوا يعملون على إبرازها والتركيز عليها مع ما ‏زادوه من عندهم –بدافع من عصبيتهم وكرههم ‏للمسلمين- من الكذب مثل اختراع حوادث لا أصل لها, أو ‏التفسير المغرض للحوادث التاريخية بقصد التشوية, أو ‏التفسير الخاطئ تبعًا للتصور والاعتقاد الذي يدينون به.

ثم ‏شايع هؤلاء طائفة غير قليلة العدد من تلاميذ ‏المستشرقين في البلاد العربية والإسلامية, وأخذوا ‏طرائقهم ومناهجهم في البحث, وأفكارهم وتصوراتهم في ‏الفهم والتحليل وتفسير التاريخ, وحملوا الراية بعد رحيلهم ‏عن بلاد المسلمين, فكان ضررهم أشد وأنكي من ضرر ‏أساتذتهم المستشرقين, ومن ضرر أسلافهم السابقين من ‏فرق البدع والضلال, وذلك أنهم ادعوا –كأساتذتهم- إتباع ‏الروح العلمية المتجردة والمنهج العلمي في البحث, ‏والحقيقة أن غالبهم لم يتجرد إلا من عقيدته.

أما التجرد ‏بمعنى الإخلاص للحق وسلوك المنهج العلمي السليم في ‏إثبات الوقائع التاريخية, كالمقارنة بين الروايات, ومعرفة قيمة ‏المصادر التي يرجعون إليها, ومدى أمانة الناقلين, وضبطهم ‏لما نقلوا, وقياس الأخبار واعتبارهم بأحوال العمران البشري ‏وطبائعه،فلا أثر له عند القوم.

فلم يتقنوا من المنهج العلمي ‏إلا الأمور الشكلية مثل الحواشي وترتيب المراجع وما ‏شابهها, وربما كان هذا هو مفهوم المنهج العلمي ‏عندهم.

يقول محب الدين الخطيب: إن الذين تثقفوا بثقافة ‏أجنبية عنا قد غلب عليهم الوهم بأنهم غرباء عن هذا ‏الماضي, وأن موقفهم من رجاله كموقف وكلاء نيابة من ‏المتهمين.

بل لقد أوغل بعضهم في الحرص على الظهور ‏أمام الأغيار بمظهر المتجرد عن كل آصرة بماضي العروبة ‏والإسلام جريًا وراء المستشرقين في ارتيابهم حيث تحس ‏الطمأنينة وميلهم مع الهوى عندما يدعوهم الحق إلى ‏التثبت وفي إنشائهم الحكم وارتياحهم إليه قبل أن تكون ‏في أيديهم الدلائل عليه".‏

ويضيف الكاتب الكبير" الصلابي" علي قوله قولا:‏

"ولم يتوقف الأمر علي هؤلاء فكان لهم شركاء في تزيف ‏تاريخنا وتشويه حضارتنا فكان دور المستشرقين بارزا ولهم وسائل ناقعة ومن أهم هذه الوسائل التي اتبعها ‏المستشرقون وتلاميذهم في تشويه وتحريف حقائق ‏التاريخ الإسلامي:‏

‏ أ- التدخل بالتفسير الخاطئ للأحداث التاريخية على وفق ‏مقتضيات أحوال عصرهم الذي يعيشون هم فيه وحسبما ‏يجول بخواطرهم, دون أن يحققوا أولاً الواقعة التاريخية حتى ‏تثبت ودون أن يراعوا ظروف العصر الذي وقعت فيه الحادثة ‏وأحوال الناس وتوجهاتهم في ذلك الوقت, والعقيدة التي ‏تحكمهم ويدينون بها.

فإنه قبل تفسير الحادثة لابد من ثبوت ‏وقوعها وليس وجودها في كتاب من الكتب كافيًا لثبوتها, ‏لأن مرحلة الثبوت مرحلة سابقة على البحث في تفسير ‏الواقعة التاريخية.

كما ينبغي أن يكون التفسير متمشيًا مع ‏منطوق الخبر التاريخي, وموضوع البحث, ومع الطابع العام ‏للمجتمع, أو العصر والبيئة التي حدثت فيها الواقعة.

كما ‏يشترط ألا يكون هذا التفسير متعارضًا مع واقعة أو جملة ‏وقائع أخرى ثابتة.

كما أنه لا ينبغي أن ينظر في التفسير ‏إلى عامل واحد –كما هو ديدن كثير من المدارس التاريخية ‏المعاصرة- وإنما ينظر فيه إلى جملة العوامل المؤثرة في ‏الحديث وخاصة العوامل العقدية والفكرية..

ثم إن التفسير ‏التاريخي للحوادث بعد هذا كله لا يعدو كونه اجتهادًا بشريًا ‏يحتمل الصواب والخطأ.

ولقد أبرز البعض تاريخ الفرق الضالة ‏وعمد إلى تضخيم أدوارها وتصويرها بصورة المصلح ‏المظلوم, وبأن المؤرخين المسلمين قد تحاملوا عليها.

‏فالقرامطة والإسماعيلية, والرافضة الإمامية والفاطمية ‏والزنج وإخوان الصفا, والخوارج كلهم في نظرهم واعتبارهم ‏دعاة إصلاح وعدالة وحرية ومساواة, وثورتهم كانت ثورات ‏لإصلاح الظلم والجور.

فهذا الشغب والإرجاف على التاريخ ‏الإسلامي ومزاحمة سير رجاله ودعاته بسير قادة الفرق ‏الضالة أمر لا يستغرب من قوم لا يدينون بالإسلام.

فهم من ‏واقع عقيدتهم يكيدون له بكل جهد مستطاع, ليلاً ونهارًا, ‏وسرًا وجهارًا ولا يتوقع من مطموسي الإيمان وملل الكفر إلا ‏مناصرة إخوانهم في الضلال.

ولكن الأمر الذي قد يحدث ‏استغرابًا عند البعض أن يحمل راية التشويه والتحريف بعد ‏سقوط دولة الاستشراق كتاب يحملون أسماء إسلامية ‏ومن أبناء المسلمين, ويقومون بنشر مثل هذه السموم ‏على بني جلدتهم ليصرفوا بها الأغرار عن الصراط ‏المستقيم.

ولقد عمد هؤلاء إلى التشبث بالروايات ‏المشبوهة والضعيفة, والساقطة يلتقطونها من كتب الأدب ‏وقصص السمر والحكايات الشعبية والكتب المنحولة ‏والضعيفة.

فهذه الكتب هي مستنداتهم في الغالب مع ما ‏يجدونه من الروايات المكذوبة في الطبري والمسعودي, مع ‏أنهم يعلمون أنها لا تعتبر مراجع علمية يعتمد عليها.

لقد ‏وقع الاعتداء على التاريخ الإسلامي –خاصة تاريخ الصدر ‏الأول- بالتشويه عن طريق اختيار مواقف مختارة والتركيز ‏عليها, كالمعارك والحروب مع تصويرها على غير حقيقتها ‏حتى تزول عنها صفة الجهاد في سبيل الله, أو التركيز على ‏الأحداث والفتن الداخلية بقصد إظهار خلافات الصحابة, ‏رضي الله عنهم, وعرضها وكأنها نموذج للصراعات والمكائد ‏السياسية في وقتنا الحاضر.

وبالتجهيل وهو إهمال كل ما ‏هو مدعاة للإقتداء والأسوة الحسنة.

وبالتشكيك, وهو ‏توجيه السهام إلى التاريخ ورجاله وإلى المؤرخين ‏المسلمين أنفسهم والتشكيك في معلوماتهم وصدقهم.

‏وبالتجزئة وهي محاولة تجزئة التاريخ الإسلامي إلى أوصال ‏وأشتات وكأنها لا رابط بينها كالتوزيع الإقليمي والعرقي ‏ونحوه, فكل هذه الوسائل والحملات تسعى إلى تدمير ‏تاريخنا الإسلامي ومحو معالمه النيرة وإبعاده عن مجال ‏القدوة الحسنة والتربية الصحيحة."‏

‏ لابد لكل عدو أن يشوه صورة خصمه لكي تخرج الأجيال ‏مشوهة ممسوخة كارهة لتاريخه "المشوه" وكان هذا ‏التشويه بكل تأكيد في غير صالح الأمة الإسلامية وكان ‏لصالح أعداءها فلذلك ننبه في نهاية مقالتنا علي المؤرخ ‏المسلم أنه ينبغي عليه معرفة هذه الوسائل والتنبه لها, ‏ومعرفة الذين تابعوا المستشرقين في آرائهم ومناهجهم ‏وعدم التلقي منهم إلا بحذر شديد.

فإذا كان علماؤنا –‏رحمهم الله- قد نقدوا كثيرًا من الرواة وضعفوا روايتهم ‏بسبب أخذهم عن أهل الكتاب وروايتهم الإسرائيليات, فإنه ‏ينبغي لنا التوقف في قبول أقوال وتفسيرات من يتلقى من ‏المستشرقين بل إسقاطها وعدم اعتبارها إلا بدليل وبرهان ‏واضح

والله نسأل لنا ولكم النفع والفائدة