حديث آخر في معناه : قال أبو داود : حدثنا عقبة بن مُكرَم ، حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن مَهْدي - عن بشر - يعني ابن منصور - عن محمد بن عَجْلان ، عن سُوَيد بن وَهْب ، عن رجل من أبناء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أنْ يُنْفِذَه مَلأهُ اللهُ أَمْنًا وَإيمانًا ، وَمَنْ تَرَكَ لُبْسَ ثَوْبِ جَمَال وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْه - قال بِشر : أحسبه قال : "تَوَاضُعًا" - كَسَاهُ اللهُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ ، وَمَنْ زَوَّجَ للهِ كَسَاهُ اللهُ تَاجَ الْمُلْكِ" (12).
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن يَزيد ، حدثنا سعيد ، حدثني أبو مَرْحُوم ، عن سَهْل بن مُعَاذ بن أنس ، عن أبيه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَه ، دَعَاهُ اللهُ عَلَى رُؤُوسِ الْخَلائِقِ ، حَتَّى يُخيرَهُ مِنْ أيِّ الْحُورِ شَاءَ".
ورواه أبو داود والترمذي ، وابن ماجة ، من حديث سعيد بن أبي أيُّوب ، به. وقال الترمذي : حسن غريب (13).

حديث آخر : قال : عبد الرزاق : أخبرنا داود بن قَيْس ، عن زيد بن أسلم ، عن رجل من أهل الشام - يقال له : عبد الجليل - عن عم له ، عن أبي هريرة في قوله تعالى : { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ } أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من كظم غيظا ، وهو يقدر على إنفاذه ملأه الله أمنا وإيمانا". رواه ابن جرير (1).
حديث آخر : قال ابن مَرْدُويَه : حدثنا أحمد بن محمد بن زياد ، أخبرنا يحيى بن أبي طالب ، أخبرنا علي بن عاصم ، أخبرني يونس بن عبيد عن الحسن ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما تَجَرَّعَ عبد من جُرْعَةٍ أفضل أجرا من جرعة غيظ كظمها ابتغاء وجه الله".
وكذا رواه ابن ماجة عن بشر بن عمر ، عن حَمَّاد بن سلمة ، عن يونس بن عُبَيد ، به (2).
فقوله : { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ } أي : لا يعملون (3) غضبهم في الناس ، بل يكفون عنهم شرهم ، ويحتسبون ذلك عند الله عز وجل.
ثم قال [تعالى] (4) { وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ } أي : مع كف الشر يعفون عمن ظلمهم في أنفسهم ، فلا يبقى (5) في أنفسهم (6) مَوجدة على أحد ، وهذا أكمل الأحوال ، ولهذا قال : { وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } فهذا من مقامات الإحسان.
وفي الحديث : "ثلاث أُقْسِمُ عليهن : ما نقص مال من صدقة ، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عِزا ، ومن تواضع لله رفعه الله " (7).
وروى الحاكم في مستدركه من حديث موسى بن عُقبة ، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة القُرشي ، عن عُبَادة بن الصامت ، عن أبي بن كعب ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من سره أن يُشْرَف له البنيان ، وترفع له الدرجات فَلْيَعْفُ عمن ظلمه ، ويعط من حرمه ، ويَصِلْ من قطعه".
ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه (8) وقد أورده ابن مردويه من حديث علي ، وكعب بن عُجْرة ، وأبي هريرة ، وأم سلمة ، بنحو ذلك. وروي عن (9) طريق الضحاك ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا كان يوم القيامة نادى مناد يقول : أين العافون عن الناس ؟ هَلُمُّوا إلى ربكم ، وخذوا أجوركم ، وحق على كل امرئ مسلم إذا عفا أن يدخل الجنة".

وقوله تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ } أي :

إذا صدر منهم ذنب أتبعوه بالتوبة والاستغفار.