الإنهزمات التي تعتريني ونوبات المرض التي تنتابني كلها أمست تنهش ليلي..لوأعلم أن هناك مكانا سينسينني إياك لذهبت إليه زحفا,لكن أنت تعلم علم اليقين أنك تسكن هنا وأشارت فاطمة بيد مرتعشة للجهة اليسرى من جسدها النحيل وبصوت مسموع صرخت أنت تعيش في كل خلية من خلايا جسدي ..إذن لامحال أن تندثر مع الغياب ومحال أيضا أن ألقي بأربعين سنة في سلة المهملات..لكن أعدك سأحافظ على ماتبقى من كرامتي وعلى الكومة التي بقيت من توازني وقفت كرمح سمهري كأنها تثبت عنوانها وقوتها رغم التجاعيد وألام الروماتزم.. كل تلك الكلمات النازفة هطلت على رأس زياد الذي كان مستلقيا على ظهر ه مستمعا لصراخ فاطمة أزاح عن جسده الغطاء وتوجه بخطوات ثقيلة نحو الشرفة فضّل أن يسترق النظرإلى النافذة قبل أن يتحدث فرأى هالة ناصعة في السماء محاطة بالقمر ..ظل يرسف في قيود الخيبة التي تلبسته فالأمر ليس بالهين ولن يكفيه مجرد التبريرفالخيانة دائما لاتغتفر فكيف به بعد كل هذا العمر يتهم بالخيانة!رفع يده متلمسا شعره المتنوع بين الأبيض والرمادي وباليد الأخرى صورة الحبيبة التي ضُبط متلبسا معها..همّ بتقطيعها ,لكن كيف يمزق ملاذه!الآن بدأ كل شيء يذوب بين أصابعه كالثلج..استدار إلى فاطمة وهو يقهق ويركل بقدمه الأرض لأن الصورة التي هي الدليل الذي أدانته به فاطمة لم تكن سوى صورتها أيام الخطوبة.

.