من معلقة عنترة بن شداد
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك=إن كنت جاهلة بمــا لم تعلمي
يخبرك من شهد الوقيعة أنني=أغشى الوغى وأعف عند المغنمي
ولقد ذكرتك والرماح نواهل=مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها=لمعت كبــارق ثغرك المتبسم
ومدجج كره الكماة نزاله=لا ممعن هربــا ولا مستسلم
جادت له كفي بعاجل طعنة=بمثقف صدق الكعوب مقــوم
فشككت بالرمح الأصم ثيابه=ليس الكريم على القنـا بمحرم
لما رآني قد نزلت أريده=أبدى نواجذه لغيـــر تبسم
فطعنته بالرمح ثم علوته=بمهند صــافي الحديد مخذم
في حومة الحرب التي لا تشتكي=غمراتهـا الأبطال غير تغمغم
ولقد هممت بغارة في ليلة=سوداء حــالكة كلون الأدلم
لما رأيت القوم أقبل جمعهم=يتذامرون كررت غير مذمـم
يدعون عنتر والرماح كأنها=أشطان بئر في لبان الأدهـم
ما زلت أرميهم بثغرة نحره=ولبانــه حتى تسربل بالدم
فازور من وقع القنا بلبانه=وشكى إلى بعبرة وتحمحـم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى=ولكان لو علم الكلام مكلمي
ولقد شفى نفسي و أبرا سقمها=قيل الفوارس ويك عنتر أقدمي
والخيل تقتحم الغبار عوابسا=ما بين شيظمة وأجرد شيظم