أيها الإخوة والأخوات ..
طابت جميع أوقاتكم بالخير والمسرات..
قبل أن أدخل في صلب الموضوع إسمحوا لي بهذه المقدمة البسيطة كتمهيد لموضوعي..
كلنا قد سمعنابهذه المقولة"لاحاضربدون ماض ومن لاماضي له لاحاضرله"..
فياترى:
ماالمرادبذلك االماضي الذي لابد أن ينبي عليه هذاالحاضر؟
ربماالإجابة على هذاالسؤال قدتتشعب ومن ثم فقدتحتاج إلى وقت طويل إذا نحن تكلمناعن الماضي ومفهومه بصفة عامة.
ونظرا لضيق الوقت ثم اختصارا للكلام بحثا عن الفائدةفإن حديثناهناعن ذلك الماضي سوف يكون عن أي شيء له علاقة بالتراث..فماهوهذاالتراث؟
ممالاشك فيه أن كل موروث قد ورثناه عن الأجداد من قيم سامية ومعاني جميلة بمافيهامن عادات و تقاليد ومعارف شعبية وثقافية هو الذي يستحق اسم تراث ..فالتراث هو كل ما ينتقل إلينا من عادات وتقاليد ونحوها كميراث ينتقل إلى الشخص مما كان لأبويه من قبله فصار ميراثاً له ومن هنا نرى أهمية التراث في نقل كل ما هو جميل من العادات والتقاليدوالقيم والأخلاق الحميدة من جيل إلى جيل بصورة صحيحة تعكس حقيقته المعروفة عند الأجدادثم الحفاظ على هذا الموروث و هو حفاظ على القومية والهوية الوطنية من التلف والضياع لتراثنا الأصيل فإذا ضاع تراثنا ضاعت أصالتنافلاحاضربدون ماضِ ومن لاماضي له لاحاضر له.
ثم ياترى:
هل وجد من يحافظ على هذاالموروث؟ وهل كل ما كُتب وعُرض اليوم عن هذاالموروث يصورالواقع الحقيقي لتراثنا؟
لقدوجد التراث في وقتنا الحاضر عناية خاصة فبدأت الأنظار تتطلع إليه على أنه قضية تخص الجميع وقد حث المسؤولون على الاهتمام بتراث الأجداد فبذلوا الغالي والنفيس وأنفقوا الأموال للتعرف على هذا الموروث ومن ثم المحافظة عليه كإرث للأجيال القادمة وهذه بادرة طيبة سمتهاالوفاء والإخلاص وصدق النية للحفاظ على كل موروث قد ورثناه عن أجدادنا والتعرف عليه بصورته الحقيقة كما هو الحال فيما تقتنيه القرية التراثية في مدينة جازان من موروث تراثي يصور حياة قوم قدعاشوا في الزمن الماضي مماجعل القرية التراثية بجيزان تحظى بعدد كبيرمن الزوارمن داخل المنطقة وخارجهالمشاهدة هذاالتراث والاستمتاع بجمال وفنه الأصيل غير أن هذاالتصوير لتراثنا الآن لم يكن مكتمل الصورة مثل ماكان عليه عند الأجدادوهذا مانخشاه ونخافه على تراثنا من تشويه الصورة في أذهان أجيالنا أوالنظرة الحقيرة من الزواروخاصة من خارج منطقتنا من سماع معلومة تراثية خاطئة أو مشاهدة أعمال قد مُثلت بطريقةلاتعكس الصورة الحقيقة لتراثنا وهذا حاصل وملموس وقد شاهدنا كثيرا في بعض النماذج المعروضة في الحدائق والمتنزهات والطرقات العامة على أنهاتمثل تراثناناهيك عمايعرض في القرية التراثية من موروث
لايمت لتراثنابصلة وإن مت لم تكن الصورة الحقيقية ولعل السبب في ذلك قديعودإلى:
لقد وجد بعض الكتاب عن التراث الحبل على الغارب عندما علموا بأن التراث لايعتمد على مصادر موثوقة أومراجع معتمدة تكون مرجعاً للجميع عند الاختلاف وقد سهلت هذه المعمة وهي عدم التقيد بمصدر معتمد للتراث عند بعض هؤلاء الكُتّاب عن التراث فهناك من يكتب عن التراث على هواه كما يحلو له و كيفما يشاء وهناك من يقوم بالنقل لمواضيع ظناً منه بأن تلك المواضيع التي قام بنقلها تتعلق بالتراث وهو لايعرف عن مدى صحتها وعلاقتها بالتراث وكأن الناقل ليس له إلا النسخ واللصق فإذا سُئل عن معنى مصطلح تراثي لم يجب وهناك من يعرض صورا أومجسمالبعض المعالم التراثية وإذا طلب منه التوضيح تلعثم في الكلام وإن تكلم أدلى بمعلومات تراثية خاطئة وكأن التراث قدأصبح لهؤلاء الناس عملاً لمن لا عمل له ومهنة تدرعليه رزقه وماأكثر هذاالصنف في هذاالزمن فهناك من قد رفع راية التراث فمنهم من كان على حق وهو أهل لهذا التراث ومنهم من فقد خصوصية التراث الشعبي ومفهوم التراث الذي عُرف عن الأجداد فكان على غير حق لهذاالتراث فينطبق عليه القول السابق :"أصبح التراث عملاً لمن لا عمل له "فالثقافة التراثية لها دور بارز وأي كاتب يكتب عن التراث إذا لم تكن ثقافته التراثية عالية فخيرله بألا يتعرض للتراث وألاّ يكتب عن التراث وألاّ يقدم معلومة تراثية وهو غير متأكد من صحتها لأن مايكتبه عن التراث سوف سيطر للأجيال كمعلومة تعرفهم بتراثهم ذلك الموروث الذي ورثوه عن أجدادهم فيجب علينا كتراثيين أن نحرص كل الحرص على المصداقية فيماقيل وكُتب وعُرض عن تراثنا حتى يظهر تراثنا بصورته الصحيحة المعروفة عند أجدادنا ..وبهذه المناسبة فقد شد انتباهي الموقف الذي ظهر فيه وزير السياحة والثقافة الماليزي محمد نظري عندمازارمدينة جازان وشملت الزيارة عددًا من المواقع السياحية بمدينة جازان ومنها القرية التراثية بمدينة جازان وقال: إنه شاهد موروثاً شعبياً بالقرية التراثية ..شاهد مايعرفش حاجة عن تراثنا..المهم:أن هذاالرجل الماليزي ظهر في لبس مختلف عن لبسه المعروف على أن هذااللبس يمثل تراث المنطقة المعروف وكما هوواضح في الصورة فإن هذا اللبس عبارة عن"لحاف"و"وزرة"وكلنا نعرف بأن اللحاف والوزرة من الملبوسات المعروفة عند الأجداد..فهل يعد اللحاف والوزرةمن تراثنا الذي ورثناه عن أجدادنا؟..وهل طريقة لبس اللحاف والوزرة بهذاالشكل الذي نشاهده في الصورة؟..قبل الإجابة على هذين السؤالين دعونا نتعرف على بعض الملبوسات المعروفة عند الأجداد:
*الملبوسات التي تخص الرجال:"اللحاف - المصنف - المبرد -الحوك -المدرعة -الكوت"
*الملبوسات التي تخص النساء :"الكرته -الثوب -السديرية -السدرة -الفوطة - الحيبرة -المصر -القطاعة -المقلمة -المقنع "
*الملبوسات المشتركة في اللبس بين الجال والنساء :"الحطيم -الوزرة "
-اللحاف:وهوعبارة عن كساء مخطط متعدد الألوان له حظوتين في طرفيه تنتهي كل حظوة بخيوط زائدة تسمى كُثل تمت حياكته في اليمن وخاصة في مدينة صعدة فيقال لحاف صعيدي نسبة إلى مدينة صعدة ويلبس اللحاف في المناسبات خاصة عند كبار السن والدرم عند الختان وطريقة لبسه على الكتف.
الوزرة:وهي عبارة عن كساء متعدد الألوان مستطيلة الشكل تنتهي طرفاها بحظوتين وخيوط زائدة متعددة الألوان ويشترك في لبس الوزرة كل من الرجل والمرأة وإن كان الرجل لايستخدم لبس الوزرة إلا نادراً وطريقة لبسها تكون في المنتصف مثل لبس الحوك وتأتي الوزرة عن طريق اليمن.
وهنا حصل العكس في طريقة اللبس لكل من اللحاف والوزرة عند الوزير الماليزي ولعل السبب قد يعود إلى من أشار إليه بطريقة لبس اللحاف والوزرة والذي تنقصه الثقافة التراثية لامحالة لأنه لايعرف أن يفرق بين اللحاف والوزرة وطريقة لبسهما.
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
بهذا أكون قد وصلت إلى نهاية مقدمتي لموضوعي هذا ثم أدعوكم لمتابعة ضيافتي عند امقحومة وذلك بأن أحل ضيفاعند أي قحم أوعجوز ثم أعمل معه لقاء بطريقة حوارية أطرح عليه بعض الأسئلة التراثية وأطلب منه الإجابة..تابعونا إن شئتم في الحلقات القادمة إن شاء الله.
دمتم بألف خير.