وأما السائبة ، فقال مجاهد : هي من الغنم نحو ما فسر من البحيرة ، إلا أنها ما ولدت من ولد كان بينها وبين ستة أولاد كان على هيئتها ، فإذا ولدت السابع ذكرًا أو ذكرين ، ذبحوه ، فأكله رجالهم دون نسائهم.
وقال محمد بن إسحاق : السائبة : هي الناقة إذا ولدت عشر إناث من الولد ليس بينهن ذكر ، سُيّبت فلم تركب ، ولم يُجَزّ وبرها ، ولم يحلب لبنها إلا الضيف.
وقال أبو روق : السائبة : كان الرجل إذا خرج فَقُضيت حاجته ، سَيَّب من ماله ناقة أو غيرها ، فجعلها للطواغيت. فما ولدت من شيء كان لها.
وقال السُّدِّي : كان الرجل منهم إذا قُضيت حاجته أو عُوفي من مرض أو كثر ماله سَيَّب شيئًا من ماله للأوثان ، فمن عرض له من الناس عُوقب بعقوبة (2) في الدنيا.
وأما الوصيلة ، فقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هي الشاة إذا نتجت سبعة أبطن نظروا إلى السابع ، فإن كان ذكرًا أو أنثى وهو ميت اشترك فيه الرجال دون النساء ، وإن كان أنثى استحيوها ، وإن كان ذكرًا وأنثى في بطن استحيوهما وقالوا : وصلته أخته فحرمته علينا. رواه ابن أبي حاتم.
وقال عبد الرزاق : أنبأنا مَعْمَر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب : { وَلا وَصِيلَةٍ } قال : فالوصيلة من الإبل ، كانت الناقة تبتكر بأنثى ، ثم تثنى بأنثى ، فسموها الوصيلة ، ويقولون : وصلت أنثيين ليس بينهما ذكر ، فكانوا يجدعونها لطواغيتهم.
وكذا روي عن الإمام مالك بن أنس ، رحمه الله.
وقال محمد بن إسحاق : الوصيلة من الغنم : إذا ولدت عشر إناث في خمسة أبطن ، توأمين توأمين في كل بطن ، سميت الوصيلة وتركت ، فما ولدت بعد ذلك من ذكر أو أنثى ، جعلت للذكور دون الإناث. وإن كانت ميتة اشتركوا فيها.
وأما الحام ، فقال العَوْفي ، عن ابن عباس قال : كان الرجل إذا لقح فحله عشرًا ، قيل حام ، فاتركوه.
وكذا قال أبو روق ، وقتادة. وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : وأما الحام فالفحل من الإبل ، إذا وُلد لولده قالوا : حَمى هذا ظهره ، فلا يحملون عليه شيئًا ، ولا يجزون له وبرًا ، ولا يمنعونه من حمى رعي ، ومن حوض يشرب منه ، وإن كان الحوض لغير صاحبه.
وقال ابن وَهْب : سمعت مالكًا يقول : أما الحام فمن الإبل كان يضرب في الإبل ، فإذا انقضى ضرابه جعلوا عليه ريش الطواويس وسيّبوه.
وقد قيل غير ذلك في تفسير هذه الآية. وقد ورد في ذلك حديث رواه ابن أبي حاتم ، من طريق أبي إسحاق السَّبِيعي ، عن أبي الأحوص الجُشَمي ، عن أبيه مالك بن نَضْلَة قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في خَلْقان من الثياب ، فقال لي : "هل لك من مال ؟" قلت (1) نعم. قال : "من أيّ المال ؟" قال : فقلت : من كل المال ، من الإبل والغنم والخيل والرقيق. قال : "فإذا آتاك الله مالا فلْيُرَ عليك". ثم قال : "تنتج إبلك وافية آذانها ؟" قال : قلت : نعم. قال : "وهل تنتج الإبل إلا كذلك ؟" قال : "فلعلك تأخذ الموسى فتقطع آذان طائفة منها وتقول : هذه بحير ، وتشق آذان طائفة منها ، وتقول : هذه حرم ؟" قلت : نعم. قال : "فلا تفعل ، إن كل ما آتاك الله لك حل" ، ثم قال : { مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ } أما البحيرة : فهي التي يجدعون آذانها ، فلا تنتفع امرأته ولا بناته ولا أحد من أهل بيته بصوفها ولا أوبارها ولا أشعارها ولا ألبانها ، فإذا ماتت اشتركوا فيها. وأما السائبة : فهي التي يسيبون لآلهتهم ، ويذهبون إلى آلهتهم فيسيبونها ، وأما الوصيلة : فالشاة تلد ستة أبطن ، فإذا ولدت السابع (2) جدعت وقطع قرنها ، فيقولون : قد وصلت ، فلا يذبحونها ولا تضرب ولا تمنع مهما وردت على حوض. هكذا يذكر تفسير ذلك مدرجًا في الحديث. وقد روي من وجه آخر عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص عوف بن مالك ، من قوله ، وهو أشبه. (3)
وقد روى هذا الحديث (4) الإمام أحمد ، عن سفيان بن عيينة ، عن أبي الزعراء عمرو بن عمرو ، عن عمه أبي الأحوص عوف بن مالك بن نضلة ، عن أبيه ، به. وليس فيه تفسير هذه (5) والله أعلم.