الهم :
سئل الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه ، عن أشد خلق الله سبحانه وتعالى فقال : الحجر ، والحجر يكسره الحديد ، والحديد تسيخه النار ، والنار يطفيها الماء ، والماء يحمله الهواء ، والإنسان يتقي الهواء ، والسكر يغلب الإنسان ، والنوم يغلب السكر ، والهم يغلب النوم 00
فالهم حالة نفسية وجدانية تقلق الإنسان فتأرقه وتذهب عنه النوم ، ومع ازدياد الهم تسوء حالة الإنسان النفسية والصحية 00 وكل إنسان يحمل قدرا من الهم ، ولكن يختلف هم كل إنسان عن إنسان آخر ، فالعالم له همومه ، والتاجر له همومه ، والسياسي له همومه ، والطالب له همومه ، وربة البيت لها همومها ، وكل شخص له همومه الخاصة 0 فبعض الناس يتغلب على همومه ، والبعض الآخر تتسلط عليه الهموم حتى تشيب رأسه 0 وإزاء هذه الهموم يجب أن يسلك الإنسان ما يخفف عنه الهموم ويبعدها 00 وإلاّ سوف يصبح معرضا للأمراض النفسجسمية ، والجسمية ، والنفسية 0 وتجد البعض من الناس يشعرون بالتعب ويشكون الألم والمرض ولا يعرفون سببا لذلك ، وسبب ذلك بعض الهموم التي يعيشها ولم يعرف كيفية تخفيفها أو لم يجد من يخفف عنه تلك الهموم ، ولو أن كل واحد فكر وقدر وتصرف التصرف السليم وناقش همومه بينه وبين نفسه لخفت عنه تلك الهموم بإذن الله 0 ويكمن علاج الهم في الإيمان بالله سبحانه وتعالى 00 فمن أرجع أمره إلى الله وتوكل عليه ورضي بالمقسوم والنصيب لكان خيرا له 0 فمن كان همه في الرزق واكتسابه فإن الأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى ، وما على الإنسان إلا أن يتسبب ويسعى في طلب الرزق ، والله سبحانه وتعالى يقول : (( وفي السماء رزقكم وما توعدون () فورب السماء والأرض إنه لحق مثل مآ أنكم تنطقون )) ويقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل أجلها ورزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب )) ويحث الإما م علي بن أبي طالب رضي الله عنه الرجل على كسب الرزق فيقول :
وما طلب المعيشة بالتمني
ولكن ألق دلوك في الدلاء
تجئك بملئها يوما ويوما
تجئك بحمأة وقليل ماء
ولا تقعد على كل التمني
تحيل على المقدر والقضاء
فإن مقادر الرحمن تجري
بأرزاق الرجال من السماء
مقدرة بقبض أو ببسط
وعجز المرء أسباب البلاء
وإذا أزداد الهم والغم والكرب والحزن على الإنسان فعليه اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى ، فقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : (( من أصابه هم أو غم أو حزن أو كرب فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وشفاء لما في نفسي ، وجلاء غمي وهمي ، وذهاب حزني ، أذهب الله ما يحزنه أو كما قال عليه الصلاة والسلام 0
وعندما وقع النبي الكريم يونس بن متى عليه السلام في البحر وابتلعه الحوت كان ينادي الله سبحانه وتعالى في الظلمات (( لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )) فأنجاه الله من غمه وهمه وحزنه 0 ويجب على الإنسان أن يتفاءل وأن يلجأ إلى الله ، ويخفف أحزانه وهمومه ويطمئن نفسه بأن تلك الهموم سوف تزول 0