جازان احتفلت (بابوالشماغ الملثم)
د.عبدالعزيز جارالله الجارالله
ألم أقل لكم إنه عبدالله ملك جاء في الزمن الصعب ليحوله إلى زمن مخضر .. ألم أقل لكم إن جازان بلد المليون شاعر وبلد الفل والكادي.. ألم أقل لكم إن حكاية بلادنا التنموية لها حكاية تولد من ألف حكاية بهذه الصورة يلتقيان ملك محب لشعبه اسماه شعبه ملك القلوب .. وجازان أرض عراقة رقصت تاريخاً وتراثاً لملك جاءها مرة وهي عليلة فقال له المستشارون إنها معدية وموبوءة فقال الملك عبدالله لهم: "ليست روحي بأغلى من أرواح أبنائها" وأهل جازان لم ينسوا هذا الموقف لملك أطال الوقوف في حفل أهلها هم يرفعون الأيادي وأصوات حناجرهم تشدو بالهتاف، وهو يرفع لهم قبضة التلاحم في صورة تعبيرية صادقة يفشل كثيرون من صناع الدراما في إيجادها، انطلقت عفوية هتاف من شعب وتحية من ملك رفع بشته المقصب بالزري رداًعلى الوجوه التي تتصافح بالمشاعر وتلويح الأيادي و(الومى)..
هذه الصورة التي جاءت عفوية ليست من صنع اي دراما اعادتني لذاكرة بعيدة قد تطول لأكثر من أربعين عاماً لأغنية جازانية كان يؤديها تطريباً واحد من أبناء صبيا يطلقها بحلية صوته المشبع بترانيم قرى صبيا يردد محمد عبده:
ناشني ناشني ابوالشماغ الملثم
والحلى في كلامه والحلى في كلامه
ويانسيم الصباح
سلم على باهي الخد
نبهه من منامه
قل له اني على عهده
اسيراً مقيّد
حتى يوم القيامه
لقد جاء صاحب الشماغ الملثم بعد (40) عاماً من تلك الأغنية الريفية الصَّبيانية التي كانت تتسلل إلى أسماعنا في الصباحات الباكرة أوائل الستينيات الميلادية.. جاء صاحب الشماغ الملثم هو نفسه الملك العادل الذي وضع شبابنا صورته متلفعاً بالشماغ والعقال المائل وجواره صقر من جزيرة العرب وكتبت عبارة: صقر العروبة، وفارس العروبة، والملك الصالح.
لقد جاء صاحب الشماغ الملثم بعد (40) عاماً ليقول لأهل جازان أعذب الكلام والأفعال (الحلى في كلامه) جاء لينبه جازان ويوقظها من نومها (نبهه من منامه) جاء معترفاً ومعتذراً ومعوضاً .. جاء بسماحة الأب والأخ الكبير ليقول بشجاعة الملك العادل: "أيها الاخوة والأبناء لقد تأخرت مسيرة التنمية في جازان في الماضي لظروف لم يكن لأحد يد فيها إلا أن دولتكم عقدت العزم على انهاء هذا الوضع باختزال المراحل ومسابقة الزمن واعطاء جازان عناية خاصة ومن هذا المنطلق فقد وجهنا بإنشاء مدينة جازان الاقتصادية وسيخصص (375) مليون ريال كأسهم مجانية من الشركة لأهالي المنطقة من ذوي الدخل المحدود.. ويجذب هذا المشروع استثمارات تصل إلى أكثر من (مئة مليار ريال) وستوفر ما يقارب النصف مليون وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر...
ووجهنا وزارة البترول بإنشاء مصفاة للبترول".
جاء الملك عبدالله فارس ملثم ليميط اللثام وتعب السنين عن وجه جازان ليزاوج ويلاقح بين مواردها البشرية الغنية بالطاقات وبين موارد الأرض الجازانية الغنية بالموارد الطبيعية برعاية ودعم من خزانة الدولة .. جاء صاحب الشماغ ليضخ مليارات الريالات بأرض جازان ولأهل جازان ليختصر المراحل كما قالها هذا الملك ومؤكدا: "أبشركم أن مستقبلاً زاهراً ينتظر هذه المنطقة، مستقبلاً من الازدهار الصناعي ومن النماء الزراعي ومن الريادة في النقل البحري".
إذن الملك عبدالله جاء ليختصر المراحل في جازان وفي الواقع فإنه من خلال جولته في الجهات الثلاث شرقاً وغرباً وجنوباً والمرتقبة شمالاً سيختصر المراحل للمملكة بل سيقفز بنا مراحل مستقبلية ومن مؤشرات ذلك أن المليارات التي يضخها في ميزانية الوزارات والتي تعرف بالفائض من عوائد النفط قد تجاوزت بمشروعاتها خطط الدولة الخمسية بل ربما تجاوزت الخطط العشرية أو ما يطلق عليه الخطط الاستراتيجية طويلة المدى.
المصدر / جريدة الرياض ، عدد اليوم الأربعاء الموافق 17/10/1427هـ