وَتَهْوِي سُنْبُلَة
شعر\ عيسى جرابا
25\10\1427هـ
إلى أخي وحبيبي وزميلي الحسين بن إبراهيم جبرة عليه رحمة الله
مدركا أنها دون ما في القلب من مشاعر وأحاسيس لحظة الوداع...
إنا لله وإنا إليه راجعون.
حُزْنٌ أَوَاخِرُهُ تُهَيِّجُ أَوَّلَهْ
أَنَّى لِهَذَا القَلْبِ أَنْ يَتَحَمَّلَهْ؟!
صَهَرَتْهُ نِيْرَانُ الـخُطُوْبِ وَلَمْ تَزَلْ
نَبَضَاتُهُ تَرِدُ السَّمَا مُتَوَسِّلَةْ
وَسَقَتْهُ كَفُّ البَيْنِ كَأْساً تَغْتَلِي
وَتَصُبُّ مِنْ غُصَصِ الأَسَى مَا أَذْهَلَهْ!
لِلشَّوْقِ فِي جَنْبَيْهِ أَزَّةُ مِرْجَلٍ
مَا ثَمَّ غَيْرُ الدَّمْعِ يُطْفِئُ مِرْجَلَهْ
يَمْشِي... وَتَمْتَدُّ الطَّرِيْقُ... رُؤَاهُ غَا
ئِمَةٌ بِهَا وَخُطَاهُ فِيْهَا مُثْقَلَةْ
وَيَمُدُّ لِلأُفُقِ الـمُضَرَّجِ بِالدُّجَى
طَرْفاً يَرَى فِيْهِ النُّجُوْمَ مُكَبَّلَةْ
وَتَلُوْحُ أَطْيَافٌ يُحَاوِلُ رَسْمَهَا
فَتَفِرُّ مِنْ يَدِهِ... فَيَرْسُمُ مَوْئِلَهْ
وَيَرَى وُجُوْهاً بِالفَجِيْعَةِ خُضِّبَتْ
قَسَمَاتُهَا وَبِصَمْتِهَا مُتَسَرْبِلَةْ
مَاذَا؟ مَتَى؟ حَقًّا؟ وَذَابَ القَلْبُ وَاخْـ
ـتَنَقَ الـجَوَابُ عَلَى شِفَاهِ الأَسْئِلَةْ
فَصَرَخْتُ كَلاَّ... وَالـمُصِيْبَةُ حِيْنَمَا
تَشْتَدُّ تَرْتَجُّ العُقُوْلُ مُعَطَّلَةْ
كَلاَّ... أَجَلْ كَلاَّ... وَغَارَ بِمَسْمَعِي
رَجْعُ النَّشِيْجِ وَتَمْتَمَاتُ الـحَوْقَلَةْ
مَاذَا؟ مَتَى؟ حَقًّا؟ وَيَلْتَهِبُ الـجَوَا
بُ وَفِي الـحَنَايَا لِلمَشَاعِرِ زَلْزَلَةْ
وَيَجِيْءُ كَالإِعْصَارِ كَالطُّوْفَانِ يَجْـ
ـتَاحُ القُلُوْبَ أَسَىً... وَتَهْوِي سُنْبُلَةْ
رَحَلَ الـحُسَيْنُ... فَصِحْتُ كَلاَّ... بَيْنَنَا
كُلُّ الـمَوَاعِيْدِ العِطَاشِ مُؤَجَّلَةْ
وَغصَصْتُ بِالعَبَرَاتِ حِيْنَ رَأَيْتُهُ
جَسَداً مُسَجَّىً يَسْتَثِيْرُ الأَخْيِلَةْ
شَهْرَانِ مَا اكْتَحَلَتْ بِرُؤْيَةِ وَجْهِهِ
عَيْنِي وَكَمْ أَلِفَتْهُ... كَانَتْ مَنْزِلَهْ
وَاليَوْمَ أُبْصِرُهُ وَقَدْ وَقَفَ الرَّدَى
مَا بَيْنَنَا... حَسَمَتْ يَدَاهُ الـمَسْأَلَةْ
أَأَبَا جِهَادٍ كَمْ أُنَادِي...! هَدَّنِي
سِجْنُ الـحَنِيْنِ وَسَامَنِي سَوْطُ الوَلَهْ
أَرَحَلْتَ...؟ صُوْتُكَ مَا يَزَالُ يَرِنُّ فِي
سَمْعِي وَفِي قَلْبِي شَذَاكَ قُرُنْفُلَةْ
تَفْتَرُّ صُوْرَتُكَ الـجَمِيْلَةُ كُلَّمَا
لاحَتْ... وَوَجْهُكَ بَاسِمٌ مَا أَجْمَلَهْ!
إِنِّي أُحِبُّكَ يَا حُسَيْنُ فَمُدَّ لِي
جِسْراً إِلَيْكَ... سِهَامُ بَيْنِكَ مُوْغِلَةْ
أَرَحَلْتَ حَقًّا...؟ لا أُصَدِّقُ... كَيْفَ وَاللُّـ
ـقْيَا لَعَمْرِي مَا تَزَالُ مُؤَمَّلَةْ؟!
أَبْكِيْكَ أَمْ أَبْكِي فُؤَادِي؟ إِنَّنِي
لأَرَاكُمَا رَوْضَ الوُجُوْدِ وَمَنْهَلَهْ
رُحْمَاكَ رَبِّي كُلُّ شَيْءٍ هَاهُنَا
ذِكْرَى بِأَحْلَى مَا مَضَى مُتَبَتِّلَةْ
أَيَّامَ نُتْرِعُ بِالوَفَاءِ كُؤُوْسَنَا
فَتَفِيْضُ رَاسِمَةً رُؤَىً مُتَهَلِّلَةْ
وَنَمُدُّ كَفًّا يَسْتَظِلُّ بِرَاحِهَا
وَعْدٌ وَصِدْقُ شُعُوْرِنَا أَقْوَى صِلَةْ
وَتَطِيْبُ سَاعَاتُ التَّلاقِي... يَنْتَشِي
لَيْلٌ... وَيَقْضِي بِالـمَوَدَّةِ لِي وَلَهْ
أَأَبَا جِهَادٍ... وَالصَّدَى يَرْتَدُّ مَكْـ
ـلُوْماً... وَتنْطَفِئُ الـحُرُوْفُ الـمُشْعَلَةْ
وَإِذَا الـحَقِيْقَةُ كَالـخَيَالِ تَدُكُّ... تَفْـ
ـرِي... حِيْنَ تَقْتَحِمُ القُلُوْبَ مُجَلْجِلَةْ
وَإِذَا هِيَ الأَقْدَارُ مَا مِنْ مَهْرَبٍ
مِنْهَا... مُعْجَّلَةً وَغَيْرَ مُعَجَّلَةْ
فَاهْنَأْ بِقَبْرِكَ يَا حُسَيْنُ عَزَاؤُنَا
أَنَّا نَرَاكَ بَلَغْتَ أَعْلَى مَنْزِلَةْ
وَارْحَمْهُ يَا ألله مَا غَسَلَ الـحَيَا
وَجْهَ الثَّرَى أَحْنَى عَلَيْهِ وَقَبَّلَهْ
سَأَظَلُّ مُنْتَظِراً هُنَا فَلَرُبَّمَا
رَجَعَ الزَّمَانُ بِنَا... فَأُبْصِرُ أَوَّلَهْ!