][][§¤°^°¤§][][][][§¤°^°¤§][][نصيحة الإمام محمد بن صالح العثيمين لأهل الحملات

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الحمد في الآخرة والأولى ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم إهتدى وسلم تسليمًا كثيرًا .
أما بعد ،،،
فإنه في هذه الأيام بل وفي الأعوام الماضية كثرت الحملات التي تحمل أناسًا إلى الحج ، ولا شك أن هذا من تيسير الله عز وجل ، ومن رحمته بعباده ، ولكني أنصح أهل هذه الحملات القائمين عليها بأمرين :
• الأمر الأول : أن يصطحبوا معهم طالب علم يهديهم إلى صراط الله عز وجل حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم أثناء سفرهم ، وأثناء أداء نسكهم ، فيعبدوا الله تعالى على بصيرة .
• الأمر الثاني : أن يأمروا عليهم واحداً منهم يكون له علم بالشرع ، وعلم بممارسة الأحوال ، ونظر ثاقب يعرف به كيف يتصرف في هذه الحملات لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر المسافرين : ( إذا كانوا ثلاثة أن يأمروا عليهم أحدهم ) .
وهذا الأمير يكون أمره مطاعًا فيما يتعلق بمصلحة السفر وشئونه لأن هذا هو فائدة التأمير ، فلو قلنا أنه يكون أميرًا بلا أمره فما الفائدة . إنه لغوُ لا فائدة له ، ولكنه أمير له سمع وطاعة فيما يتعلق بشئون السفر ومناسك الحج إذا كان ذلك في رحلة الحج .
ولكن يجب على هذا الأمير أن لا يكون استبداديًا برأيه ، وإذا أشكل عليه أمر فليشاور من يراه أقرب إلى الصواب من هؤلاء المسافرين حتى يكون مقتديًا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ومقتديًا بالمؤمنين الذين أمرهم شورى بينهم . وأما الاستبداد بالرأي والعنف والإشقاق وعدم المبالاة فإن هذا أمر خلاف مشروع .
ويحسن أن يكون معهم كتب نافعة يقرءونها ويفسرها من يعلم تفسيرها ، ومن أحسن ما يكون : " زاد المعاد في هدي خير العباد " ، لإبن قيم الجوزيه رحمه الله لأنه جامع بين فنون العلم من سيرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، والفقه في دين الله ، وأحكام المعاملة ، وأحكام النكاح ، والطلاق ، والطب ، وغير ذلك .
فهو رياض متنوعة مفيد لثقة مؤلفه رحمه الله ، وكونه يعتمد في ما يحكم به على كتاب الله وسنه رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم . ولكن إذا جاءت المسائل العويصة التي فيها مناقشات طويلة فإنه يحسن بقارئ هذا الكتاب ألا يقرأها على من عنده من العامة لأن ذلك يشوش أفكارهم ، ولا يمكنهم إدراكه ، والعاقل اللبيب يعرف ماذا تكون فيه المصلحة فيما يقرأ من هذا الكتاب القيم الذي ألفه ابن قيم الجوزيه.
وأعلموا أيها الأخوة أن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة في الدين بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
أما المحدثات في العادات فإنها لا تعتبر من البدعة في الدين ، وليست ضلالة ، لكن إن كان فيها شيء من المحرم فإنها محرمة ، لكونها اشتملت على محرم لا لكونها بدعة في الدين .
فالبدع في الدين إنما تكون فيما يتعبد به الإنسان لربه من عقيدة ، أو قول ، أو عمل . ولقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحذر من كل بدعة ، ويقول : ( كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) .
فعليكم أيها المسلمون عليكم بالاجتماع على السنة لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ، وإياكم ومحدثات الأمور ، واعلموا أيها المسلمون أن من أفضل أعمالكم أن تكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، لأنه هو الذي هداك الله به إلى صراط مستقيم ، هو الذي دلكم على كل خير ورغبكم فيه ، وبين لكم الشرور وحذركم منها .

المصدر : خطبة جمعة بعنوان : " أحكام الحج ومحظورات الإحرام ، ونصيحة لأهل الحملات "][][§¤°^°¤§][][][][§¤°^°¤§][][