إبحار

أديب كمال الدين



(1)


كلــّما اتجهَ الحرفُ نحو نفسه

حاملاً صرّة ملابسه

واضعاً الشمسَ حلماً يتألقُ في عينيه

راكباً باصَ المسرّة

باتجاهِ فراتِ المسرّة

وَجَدَ بانتظاره نقطة ً غامضة

مليئة ً بالشوقِ والندمِ والألم.

(2)


كـلــّـما أبحرَ باتجاه الصحارى

عابرا ً خيامَ البدو ونارهم وكلابهم

أو أبحرَ باتجاه السحرة

عابرا ً طقوسهم وطلاسمهم وبخورهم

أو أبحرَ باتجاه السماء

عابرا ً طقوسَ المتصوّفة

ودموعهم وصيحاتهم وشطحاتهم

أو أبحرَ باتجاه المحيط

عابرا ً شمسَ اللهِ وسفنه وكواكبه

أو أبحرَ باتجاه اللغة

عابرا ً كتبَ العشق ِ والموتِ والشعوذة

أو أبحرَ باتجاه الخرافة

عابرا ً قصصَ العجائز التي تنامُ وقت الغروب

كـلــّـما أبحرَ باتجاه الأساطير

عابرا ً كلكامش وأنكيدو والأفعى التي سرقت السرّ

عابرا ً الثيران المجنّحة وأهرام الفراعنة

أو أبحرَ باتجاه النار

عابرا ً طيورَ الرغبةِ وبيضَ اللذة

أو أبحرَ باتجاه اللعنة

عابرا ً بيوتَ النساءِ بأشكالها

المليئة بالعري والمرايا والظلام

أو أبحرَ باتجاه الشيطان

عابرا ً وشْمَه وشينه وشطـآنه

أو أبحرَ باتجاهِ الماضي

عابرا ً صيحاته وسكاكينه التي أكلها الصدأ

أو أبحرَ باتجاهِ العبث

عابرا ً تاريخه الذي لا ينتهي عند حدّ

كـلــّـما أبحرَ الحرفُ باتجاهِ الذي أو التي أو الذينَ

وَجَدَ بانتظارهِ نقطة ً غامضة ً

مليئة ً بالشوق ِ والندم ِ والألم

وَجَدَ ... وا أسفاه ، نقطة َ دم !