من : ديوان الساعة للشاعر: أحمد مطر

مطلع


في ساعةٍ واحدةٍ
أَجمعُ خمسينَ سَنَةْ
أَزمنةً وأمكنةْ
وأَطرحُ الوجوهَ في وجوهها الملوّنةْ
مُخلِصةً ، وخائنةْ
ثائِرةً ، ومُذعنةْ
مَدينةً ، ودائِنةْ
وأضربُ الأرقامَ
إنْ لم تلبسِ المخالبْ
وأَلدغُ العقربَ بالعقاربْ
وأُنطِقُ الصمتَ بكُلِّ الألسنةْ
وأنتضي جِلْدَ السلاطيِن
نِعالاً لحفاةِ السلطنةْ !

أحمد مطر


====================



الساعة

دائِرةٌ ضَيِّقةٌ ،
وهاربٌ مُدانْ
أَمامَهُ وَخَلْفَهُ يركضُ مُخبرانْ .
هذا هو الزمانْ !


====================

لبان

ماذا نَملِكُ
مِن لَحظاتِ العُمْرِ المُضحِكْ ؟
ماذا نَملِكْ ؟
العُمْرُ لُبانٌ في حَلْقِ الساعةِ
والساعةُ غانِيةٌ تَعلِكْ
تِكْ......تِكْ
تِكْ.....تِكْ
تـِــــــــكْ
تـِــــــــكْ !



====================
سبب

ـ لِمَ لا تُذْعِنُ ، يوماً ، للعصيانْ ؟
لِمَ لا تَكتمُ أنفاسَ الكِتمانْ ؟
لِمَ لا تشكو
هَذي الأرقامُ المرصوصةُ للجُدرانْ ؟
ــ الجدْرانُ لها آذانْ !


====================

محبوس

حِينَ أَلقى نظرةً منتقِدةْ
لقياداتِ النظامِ الفاسدةْ
حُبِسَ ( التاريخُ )
في زنزانةٍ مُنفَرِدَةْ !


====================

الخاسر


عِندما يَلتحمُ العَقربُ بالعقربِ
لا تُقْتَلُ إلاّ اللحظاتْ
كم أَقاما من حروبٍ
ثم قاما ، دونما جُرحٍ ،
وَجَيشُ الوقتِ ماتْ !


====================
رقاصيَخفِقُ ( الرقّاصُ ) صُبحاً ومَساءْ .
ويَظُنُّ البُسطاءْ
أَنّهُ يرقصُ !
لا يا هؤلاءْ .
هو مشنوقٌ
ولا يدري بما يفعلُهُ فيهِ الهواءْ !


====================
درس

ساعةُ الرملِ بلادٌ
لا تُحبُّ الإستلابْ
كُلَّما أفرغَها الوقتُ من الروحِ
استعادتْ روحَها
........ بالانقلابْ !


====================

المواكب


صامتةً
تزدحمُ الأرقامُ في الجوانبْ
صامتةً تُراقِبُ المواكبْ :
ثانيةٌ ، مَرَّ الرئيسُ المفتدى
دقيقةٌ ، مَرَّ الأميُر المفتدى .
و.. ساعةٌ ، مَرَّ المليكُ المفتدى
ويضربُ الطبلُ على خَطْوِ ذوي المراتِبْ .
تُعبِّرُ الأرقامُ عن أفكارِها
في سِرِّها.
تقولُ : مهما اختلفتْ سيماؤهمْ
واختلفتْ أسماؤهمْ
فَسُمُّهمْ مُوَحَّدٌ
وكُلُّهمْ ( عقاربْ ) !


====================


جدل( الساعةُ الآنَ .. تمامُ العاشِرةْ )
ـ فَخْذانِ مفتوحانِ
.. هَذي عاهرةْ !
ــ مِروَحةٌ .. و( حاسبٌ )
.. بلْ هذهِ طائرةٌ مُفكِّرةْ
ــ لا .. بلْ خليجٌ
والأساطيلُ على أطرافهِ مُنتشِرةْ .
ـ المعذرةْ .
يا أصدقائي المعذرةْ .
كُلُّ الذي تَرَونهُ حَقٌّ
.. فهذى دُوَلٌ مُستَعْمَرةْ !



====================
طوارئ

طائرةٌ تُمَشِّطُ الأجواءْ .
بارجةٌ تكشِطُ جِلْدَ الماءْ .
زوارقٌ حَربيَّةٌ
غَصَّتْ بها الأرجاءْ
ماذا جرى ؟
ــ طوارئٌ .. كما ترى .
العاملونَ انتفضوا
.. وأغلقوا ( الميناءْ ) !


====================
تحقِيقكم تُعاني
من هَوانٍ وامتهانِ
كم تُعاني !
هذهِ الأرقامُ
في دائرةِ الأمنِ انحنَتْ ،
ليلَ نهارْ
وجهُها نحوَ الجدارْ
وعلى أجسادِها يَشتغِلُ السَّوْطُ
على مَرِّ الثواني !


====================


إنتفاضَة

- كم حَجَراً في هذهِ الساعةِ ؟
- ما زال بها إثنا عَشَرْ
- إرمِ الحجَرْ
يمتشقُ العَدوُّ بندقيّهً
ويرسلُ النارَ عليهمْ كالمَطَرْ
لكنّما
هُمْ صامتونَ كالحجَرْ
وصامدونَ كالحجَرْ
ونازلونَ فوقَهُ مِثلَ القضاءِ و القَدرْ .
- إرمِ الحجَرْ
إرمِ الحجَرْ .
ليسَ لهم إذاعةٌ
وليسَ عندهم صُوَرْ
وليسَ بينهمْ غَجَرْ
يمتشقونَ ... طبلةً
ويفتحونَ ... مؤتَمَرْ !
- إرمِ الحجَرْ
إرمِ الحجَرْ .
يُفَتِّشُ العَدوُّ عن إقدامهِ
يبحثُ عن أقدامهِ
فلا يرى لها أثَرْ
- إرمِ الحجَرْ .
يُبْصرُ حَفْلَ رجمهِ
يُبْصرُ ثُقْلَ جسمهِ
يُبْصرُ فَقْدَ عَزْمهِ
يُبْصِرُ فُقْدانَ البَصَرْ
- إرمِ الحجَرْ
إرمِ الحجَرْ .
ليسَ لهم أرديةٌ
من ( سانِ لورانَ )
ومن ( بيار كاردانَ )
ولا فنادقٌ
من جِلْدِ سُكّانِ الحُفْرْ
إرمِ الحجَرْ
ليس لديهم ثروةٌ عِبريّةٌ
أو ثورةٌ عُذريّةٌ
أو دولةٌ
للإصطيافِ والسَّفَرْ
دولتُهم من حَجَرٍ
وتُستعادُ بالحجَرْ .
- إرمِ الحجَرْ
إرمِ الحجَرْ .
عاصفةٌ من حجرٍ تصفعُ هاماتِ الشَجَرْ
تندلعُ الأَطيارُ في آفاقِها
وتَذهَلُ الأشجارُ عن أوراقِها
وتحتَ وابلِ الحجَرْ
يسقطُ يانعُ الثَمَرْ .
- كم حجراً في هذه الساعةِ ؟
- فيها وطنٌ .
فيها منايا تُحتضَرْ .
فيها ظلامٌ فارقَ الروحَ
.. وصُبحٌ مُنتظَرْ !

====================
هدَايا

مَفازَةٌ قاحلةٌ تَلوحُ فيها بِئرْ
مِن حَوْلِها مَضاربٌ يُفيقُ فيها السُّكرْ
وَيَستغيثُ العِهْرُ مما نالَهُ
في جوفِها من عِهرْ !
وَبَيْنَها يدورُ في تثاقُلٍ شيءٌ قبيحُ القِصرْ.
يُوزِّع الساعاتِ والأَقلامْ
على دُمَىَ الإعلامْ
على زُناةِ الفِكرْ
على حُواةِ الشِعرْ
على أساطين الهوىَ
على حُماةِ الكُفرْ .
- من هُوَ ذا ؟
- هذا طويلُ العُمرْ !

====================
حِصَار
ها هوَ ذا ( يَزيدْ )
صباحَ يومِ عيدْ
يُخَضِّبُ الكعبةَ بالدماءِ من جديدْ.
إنّي أرى مُصَفَّحاتٍ حَوْلَها
تقذفُها بالنارِ والحديدْ .
وطائراتٍ فوقَها
تقذفُ بالمزيدْ
هذا ( جُهَيْمانُ )
يُسَوِّي رأسَهُ الدامي
ويدعو للعُلا صَحْبَهْ
يُقسِمُ بالكعبَةْ
أن يَتركَ الكِلْمةَ رُعباً خالِداً
للملكِ السَعيدْ !

====================
إعْدَام

ها هيَ ذي طائِرةٌ تَغشى سماءَ البيدْ
من فوقِها مملكةُ اللهِ
ومن أسفَلِها مملكةُ العبيدْ .
ها هيَ تُلقي جُثَّةً !
لِلّهِ ما أثقَلَها !
أأمّةٌ قد أُلقِيَتْ .. أَم ( ناصرُ السعيدْ )؟!
لا فرقَ ما بينَهما
كلاهُما شهيدْ .
( ناصرُ ) يَهوي عالياً ملاقياً رَبَّهْ
يَجرُّ خَلْفَ ظهرهِ ، إلى العُلا ، شَعبَهْ
يُقسِمُ بالكعبةْ
أن يتركَ الكِلْمةَ وَعْياً قاتلاً
للملكِ البليدْ !

====================
الحفلة

في باحةِ قصرِ السُّلطانْ
راقِصةٌ كغُصين البانْ
يَفْتلُها إيقاعُ الطبلةْ
( تِكْ تِكْ .. تِكْ تِكْ )
والسُلطانُ التِّنْبَلُ
بيَن الحينِ وبينَ الحينِ
يُراودُ جاريةً عن قُبلَةْ
ويراوِدُها …
( ليسَ الآنْ ) .
ويراودها .. ( ليسَ الــ…. آنْ )
ويُرا.. وِدُها
فإذا انتصفَ اللّيلُ ، تَراخَتْ
وطواها بينَ الأحضانْ !
والحُرّاس المنتشرونَ بكلِّ مَكانْ
سَدّوا ثَغَراتِ الحيطانْ
وأحاطوا جِدًّا بالحفلَةْ
كيْ لا يَخدِشَ إرهابيٌّ
أمْنَ الدّولةْ !

====================
مجلس

القاعة ُالمعتادةْ
غارقةٌ في الصمتِ ،
والبهائمُ المنقادَةْ
تجلسُ في دائِرةٍ ،
وصاحبُ السيادْة
يَدورُ يحملُ العَصا لمن عَصىَ
ويُهدرُ الوقتَ بلا إفادةْ .
في القاعِة المعتادَةْ
بهائمٌ تغفو بلا إرادةْ
وهائمٌ يمشي بلا إرادةْ
وطبلةٌ تَدقُّ كلَّ ساعةٍ بمنتهى البلادةْ
تُعلِنُ عن تأييدها
.. لمجلسِ القيادةْ !

====================
ويرسل الصواعق

إنَّ صواعِقَ تَنْقَضُّ ،
الساعةَ ، من صوبِ الغَيبْ
آتيةٌ تبحثُ عن ( رأسِ المالِ )
لِتُشعِلَ فيهِ الشَيبْ !
لا ريبَ ستجعلُ من هذا النِفْطِ ضِياءْ
في ليل جميع الشرفاءْ
وتُصيِّرهُ مَحْرَقةً لملوكِ العَيب ْ
إنَّ الساعةَ آتيةٌ لا ريبْ !

====================
--------------------------------------