قرأت ماكتبه الأستاذ الكاتب أحمد عسيري في جريدة الوطن تحت عنوان :
جازان وإشكالية المجايلة ......فقال :
عندما يحط اسم هذه المدينة على لسانك تحس بانهمار الزرقة في داخلك وتشعر بأشرعة الريح تنشرك وتطويك فكم يتشابك في فضاءاتها الواقعي مع الحلمي وتتحرك مروحة اللغة فتهز القصي من وجدانك وتغمرك رجفة الإبداع ومحفزات المكابدة وصرامة التجربة وصبوة القلق الخفي فهي مدينة ترفض السطح الهادئ والظرفي والطارئ ولكنها تجسد صدمة الدهشة والمناخ المتقد بعنفوان الوعي والاندفاع إلى غوامضه المرهفة وفك مغاليقه بكل أجناسه المتداخلة كدليل على الحيوية والعافية فقد راقبت بوابة هذه المدينة لسنوات خلت فأبصرت منتجها المعرفي وصادرها الفكري ونضجها الانفعالي وتوازنها الدينامي وتحولها النخبوي ودورها الإسهامي في صياغة الزمن التاريخي وتعزيز قيم الثقافة الوطنية وفق منهج عصراني وإشراقي خصب، مدينة تتحصن بالوعي والمرونة والتجريب والانفتاح فلم تقع فريسة المسكوكات الثقافية والناجز والمكرور من الخطاب الفكري والعلا ئق البليدة ولكونها لا تميل إلى النزعة الاستعراضية فقد استثمرت لحظة من لحظات وضوحها المتوتر فدخلت إلى بهوها المفتوح والعقلاني للتأكد مما بدأت أحسه من عوارض غير تعميمية وذاتانية ولكنها تثير الإزعاج وعدم الاطمئنان والنكوص المضطرب وهي المجايلة الثنائية في أجيالها والتي تحولت إلى نقائض إقصائية ومتغيرات ارتدادية ومجلوبات غير مبررة ومفهومات وتمثلا ت سلبية فعندما يظهر صوت إبداعي في جازان ويتداخل مع صوت آخر في النسيج الزماني والمكاني والمجايلة فلا بد أن يغيب أحدهما بعد زمن قصير فلا تعرف لذلك سبباً وهل ذلك بفعل التعرية والتآكل أو الذوبان في ماء الذات أو الغياب القسري والاستكانة إلى النعاس والدوار البحري. إن مفهوم الثنائية في جازان كما عرفتها يعني المغايرة والتفرد وهذا شيء رائع ومفرح ثم لا تلبث أن تعقبها مرحلة التشظي والإقصاء للآخر ثم الخفوت والنفي المستفز فلا تدري هل هذا بفعل التضاد وتوريط الآخر المشحون بالإيحاء والصدق الجارح مما يوقعه في المحظور ويطفئ مصابيح تجربته أم بفعل الإحساس الحارق وضعف الفعل العلائقي مع آلية الإعلام الضخمة فيهرب من الواقع المجهول حين لم يستطع تهيئة نافذة تكرس حضوره على الورق وتصنع بريقه المستحق هل بدأ أحدهما دون رصيد تكويني ومعرفي فعثرت أقدامه واجتهاداته واصطدمت بالمشهد والمعمار القائم وهو يركض مع مجايليه فوقع في عمى الفوضى وآثر المكوث والتريث ثم الصمت وقفل النوافذ المشرعة هل استعذب بعضهم الركون إلى الانبساطية المستهلكة وانمحاء الرغبة في فتح ذاكرة المتلقي والاحتفاظ بخبراته الثقافية والفكرية استخفافاً بدوره واستهانة بممكناته. لو مارس أحدنا اختراق تلك العوالم الثقافية والإبداعية في مدينة جازان لحس واستبطن ما أثرته في هذه السطور فقد عرفت مزاج تلك المدينة وإشكالية حواسها فما كتبته رأي شخصي وتوصيف رؤيوي لا تهويمي أو تعميمي ولكني أحسه بكل تشعباته ومفارقاته حتى في مرحلة الرواد وجيل التأسيس والتنوير الذين قابلتهم وعرفتهم عن قرب كانت ظاهرة الإقصاء أو محاولة الإقصاء متوفرة لكن متكاءاتهم الفكرية والتاريخية وثراءهم المعرفي وتجانسهم أو مغايرتهم كانت تخفف وطأة الإقصاء والحرص على تعميق وازدهار المشروع الثقافي والاندفاعي الجياش إلى شرفة الحلم وتوهج البصيرة الذي استثمره الجيل اللاحق فحقق التحولات العميقة رغم وقوع البعض منهم في معضلة الإقصاء تبعاً للمجايلة فرحلوا بكل طاقاتهم الشعرية والسردية والتشكيلية والتاريخية والنقدية والفنية وبقي البعض يشعل الكلمة قوة وجرأة في براعة وذكاء إنني في حل عن تقديم كشف بأسماء من أعرفهم ممن سقطوا في أوعية النسيان فلا تسمع إلا بعض حروفهم المدلاة كالتمائم وهم يحدثونك عن طعم الغياب المر وخبز الإبداع المتحشرج في حلوقهم وكأن سماء جازان لا تتسع لأكثر من طائر يغرد في سربه رغم أن فضاءها وسع كل نوارس المعمورة.
المصدر
الوطن
http://www.alwatan.com.sa/news/it...d=301&Rname=100
وقفة :
وهنا استوقفتني ملاحظة الأستاذ الأديب ابراهيم النعمي المحاضر بكلية المعلمين بجازان على ماتقدم حيث علق بقوله :
هل كتب أحمد عسيري هنا ما يراه هو من خلال معرفته بالمثقفين في جازان ولا يعدو أن يكون كلامه وجهة نظر تخصه
أو أن واقع المثقفين في جازان أفرادا ومؤسسات كسمك له أحجام مختلفة تختفي بعضها لتبقى أخرى
؟؟؟؟؟؟؟؟
ولابد أن يحظى هذا التعليق المختصر بجل اهتمامنا نحن أبناء المنطقة لنقف أمام كل ماكتبه العسيري وندقق النظر في فحوى هذا المقال الذي سيجد من بعضنا الدعاء للكاتب وترديد عبارات الشكر فقط لأنه قرأ كلمة جازان من عنوان المقال .
تحياتي