الخفقة الأولى
عندما تجد نفسك عاجزا عن فهم شعورك ، وتحديد مصيرك ، واتخاذ قرارك ، فتصبح في حيرة من أمرك ، متقلب الطباع بين حزن وفرح ، وسعادة وشقاء
أحيانا تحس بجمال الحياة وبهجتها ، وروعة الدنيا وسلوتها ، ترى كل ما حولك جميلا ، تبدو على وجهك الابتسامة والسرور ، ويملأ قلبك الفرح والبهجة ، تسعد برؤية المنظر البديع الجذاب ، والخضرة الزاهية البديعة ، وتلك السماء الصافية المتلألئة ، ومنظر الشمس في طلوعها وغروبها ، والطير في غدوها ورواحها .
وفجأة ينقلب عليك الحال ، فتجد نفسك حزينا مكتئباً ، لا تضيء الابتسامة ثغرك
واجماً مصفر الوجه ، تمشي مطرقا ، وتجلس واهناً ، وكأن هما من هموم الحياة الثقال يملأ ما بين جناحيك ، ولا هم هناك ولا حزن !!!
تجد نفسك تلجأ إلى الخلوات والمعتزلات ، وتتجنب جاهداً أن تخالط الناس .
ينحبس لسانك في فمك ، فلا تستطيع أن تبث ألمك ، وتفضي بسرك ، ثم لا يلبث ذلك السعير المتأجج في صدرك أن يتحول إلى زفير فشهيق فبكاء ، فتذرف دموعك حتى يهدأ ما بك ، وما ذلك إلا لأن ذلك القلب ( قد خفق الخفقة الأولى )
كما أن السماء في ظلمة الليل تختلف إليها النجوم فتضيء صفحتها ، وتمر بها الشهب فتلمع في أرجائها ، حتى إذا طلعت الشمس من مشرقها ، محا ضوئها ضوء جميع تلك النيرات ، ( كذلك القلب الإنساني ) لا تزال تمر به مختلف العواصف ، وأشتات الأهواء مجتمعة ومفترقة ، حتى إذا بلغ وأشرقت عليه شمس الحب ، غربت بجانبها جميع تلك العواطف والأهواء .