جعل الله رمضان شهر رحمة ومغفرة وعتق من النار ،

وجعله أيضا موسما للعبادة في صلاة وصيام وتهجد وقراءة للقرآن ،

وفوق هذا و ذاك يلتزم فيه المسلم بآداب نبوية في طعامه وشرابه ، فلا يصون بدنه فحسب ،

بل ينال في كل ركن من أركان هذا النظام الصحي النبوي الأجر والمثوبة من الله .


1. عجل بالإفطار :

فقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتعجيل بالإفطار فقال :
" لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر " متفق عليه .
ووراء ذلك فوائد طبية وآثار صحية ونفسية هامة للصائمين . فالصائم في أمس الحاجة
إلى ما يذهب شعور الظمأ والجوع . والتأخير في الإفطار يزيد انخفاض سكر الدم
ويؤدي إلى الشعور بالهبوط العام، وهو تعذيب نفسي تأباه الشريعة السمحاء .




2. افطر على رطبات أو بضع تمرات وماء :


ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر ، فإنه بركة ،
فإن لم يجد تمرا فالماء ، فإنه طهور " رواه أبو داود والترمذي . وقد اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأطعمة دون سواها لفوائدها الصحية الجمة ، وليس فقط لتوفرها في بيئته الصحراوية .
فالصائم يكون بحاجة إلى مصدر سكري سريع الهضم ، يدفع عنه الجوع ، مثلما يكون في حاجة إلى الماء . وأسرع المواد الغذائية امتصاصا المواد التي تحتوي على سكريات أحادية أو ثنائية . ولن تجد أفضل مما جاءت به السنة المطهرة ، حينما يفتتح الصائم إفطاره بالرطب والماء .




3. افطر على مرحلتين :

فمن سنن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يعجل فطره ، ويعجل صلاة المغرب ، حيث كان يقدمها على إكمال طعام فطره . وفي ذلك حكمة بالغة فدخول كمية بسيطة من الطعام للمعدة ثم تركها فترة دون إدخال طعام آخر عليها يعد منبها بسيطا للمعدة والأمعاء . ويزيل في الوقت نفسه الشعور بالنهم والشراهة .





4. تجنب الإفراط في الطعام :

والرسول عليه الصلاة والسلام يقول : " ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فاعلا ، فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه " رواه الترمذي .
وتناول كميات كبيرة من الطعام يؤدي إلى انتفاخ المعدة ، وحدوث تلبك معدي ومعوي ، وعسر في الهضم ، يتظاهر بحس الانتفاخ والألم تحت الضلوع ، وغازات في البطن ، وتراخ في الحركة .هذا إضافة إلى الشعور بالخمول والكسل والنعاس ، حيث يتجه قسم كبير من الدم إلى الجهاز الهضمي لإتمام عملية الهضم ، على حساب كمية الدم الواردة إلى أعضاء حيوية في الجسم وأهمها المخ.





4. تجنب النوم بعد الإفطار :

فالإفراط في الطعام كما ذكرنا يبعث على الكسل والخمول ويدفع الصائم إلى النوم بعد الإفطار ،
مما يحرم المريض من صلاة العشاء و التراويح .




5. لا تدخن في رمضان وفي غير رمضان :

فالتدخين مصيبة تصيب المدخنين ، وقد أفتى كثير من العلماء بتحريم التدخين ، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول : " لا ضرر ولا ضرار " . رواه أحمد .
وفي رمضان فرصة للتوقف عن التدخين والإقلاع عنه إلى غير رجعة .




6. تسحروا فإن في السحور بركة :

فقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسحور في حديثه المشهور : " تسحروا فإن في السحور بركة " . متفق عليه .ولا شك أن وجبة السحور - وإن قلت - مفيدة في منع حدوث الصداع أو الإعياء أثناء النهار ، كما تمنع الشعور بالعطش الشديد .
وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على تأخير السحور " ما تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور " رواه البخاري ومسلم .وينصح أن تحتوي وجبة السحور على أطعمة سهلة الهضم كاللبن الزبادي والخبز والعسل والفواكه وغيرها .
وفي الحديث الشريف : إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " متفق عليه .




7. حافظ على السواك في رمضان :

فقد روى البخاري في صحيحه عن عامر بن ربيعة قال :
" رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستاك ، وهو صائم ما لا أحصي ولا أعد " .
وفي السواك فوائد عديدة لسلامة اللثة والأسنان ، وقد أثبت العلم الحديث
أن هناك ثمان مواد كيميائية في السواك ، تعمل في تبييض الأسنان وتقوية اللثة
ومحاربة الجراثيم والحفاظ على رائحة زكية في الفم .




8. الزم صلاة التراويح :

فمن فوائد الصلاة الصحية أنها مجهود بدني بسيط منتظم الإيقاع ، وبخاصة حركات الركوع والسجود .
فإن المصلي يضغط على المعدة والأمعاء ، فيحدث تنشيط لحركاتهما ، وتسريع لعملية الهضم ،
فينام المسلم بعدها بعيدا عن الإحساس بالتخمة وعسر الهضم .
وفي وضوء المسلم وصلاته في جو رمضان شعور خاص براحة القلب ، وسكينة النفس ،
والبعد عن القلق والتوتر العصبي . وفي ذلك شفاء للأمراض الباطنية الناجمة عن أسباب نفسية .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " للصائم فرحتان : فرحة حين يفطر ، وفرحة حين يلقى ربه " رواه الترمذي .




9. انجز عملك بإتقان :

فالبعض يشعر بالكسل والتواني أثناء النهار بحجة الصيام .
والحقيقة أن الصائم يستطيع بقليل من الصبر إنجاز عمله في رمضان على أحسن وجه .
ومما يروى في تراثنا الأدبي أن أحد الحدادين كان يعمل في ظهيرة يوم حار من أيام شهر رمضان ،
وكان جبينه يتصبب عرقا فقيل له : كيف تتمكن من الصوم والحر شديد ، والعمل مضني ؟
فأجاب : من يدرك قدر من يسأله ، يهون عليه ما يبذله .




10. اسأل الله العافية :

فالصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى .
ومهما قاسى الصائم من الجوع والعطش أو الصداع ، فإن أجر ذلك عند الله غير محدود ،
وتذكر يا أخي أن هناك مرضى يتحسرون على أيام رمضان تمر عليهم وهم لا يستطيعون صومها
بسبب العجز أو المرض .


* * * *


وما أجمل الموقف الذي وقفه ذلك الأعرابي أمام الحجاج في تلك القصة الرائعة .

فقد خرج الحجاج ذات يوم قائظ فأحضر له الغذاء فقال :

اطلبوا من يتغذى معنا

فطلبوا فلم يجدوا إلا أعرابيا ، فأتوا به فدار بين الحجاج والأعرابي هذا الحوار .

الحجاج : هلم أيها الأعرابي لنتناول طعام الغذاء .

الأعرابي : قد دعاني من هو أكرم منك فأجبته .

الحجاج : من هو ؟
الأعرابي : الله تبارك وتعالى دعاني إلى الصيام فأنا صائم .

الحجاج : أصوم في مثل هذا اليوم على حره ?

الأعرابي : صمت ليوم أشد منه حرا .

الحجاج : أفطر اليوم وصم غدا .

الأعرابي : أو يضمن الأمير أن أعيش إلى الغد ?

الحجاج : ليس ذلك إلي ، فعلم ذلك عند الله .

الأعرابي : فكيف تسألني عاجلا بآجل ليس إليه من سبيل .

الحجاج : إنه طعام طيب .

الأعرابي : والله ما طيبه خبازك وطباخك ولكن طيبته العافية .

الحجاج : بالله ما رأيت مثل هذا . جزاك الله خيرا أيها الأعرابي .

وأمر له بجائزة


م ن ق و ل