طُفولَة
الصُّحفُ جَرَّحَتِ اليَنبُوعَ؛
والكَلمَاتُ التَفَّتْ في الدَّوَّامَاتِ؛
بأَشكَالٍ رَماديَّةٍ - لِصٌّ مَيتٌ، والرَّئيسُ وزَوجَتهُ،
وسِبَاقَانِ للخُيولِ - عَامُوا في المَاضِي
ثمَّ غَرِقُوا…
أَو عَرْقَلُوا الصُّخُور
يُمَوِّجون الماءَ البَطيءَ حتَّى الشَّمس، مِثلَ رَجُلٍ
بِسكِّينٍ، يُقطِّعُهُم إِرَبًا
لذلكَ يُمكِنُهم الإِبحَارَ بَعيدًا.
. . .
لَيلةَ الأَمس، خَارجَ خَيمَتي، شَخصٌ مَا
بَاغَتَ الأَخشَابَ الصَّغيرةَ: هَاجَ ضَوءٌ مُتقطِّعٌ، وغُصَيناتٌ،
مِثل حَيوانَاتٍ صَغَيرةٍ، خَشخَشتْ تَحتَ الأَقدَام؛
بَعُوضٌ طَنَّ في الصَّفاءِ. أَمسَكتُ تَنفُّسِي
كَي أَسمعَ الأَصواتَ الهَادئَةَ، ثَمَّةَ سُعَالٌ مُلَفَّعٌ،
كَصفَّارَةِ إنذَارٍ يَهبِطُ الطَّرِيقَ…
أُشعِلُ عُودَ ثِقَابٍ.
زَحفتُ إِلى الخَارجِ: أُمِّي وأَبي،
في المَلابسِ البَيضَاء، وَقَفا إِلى جَانبِ السّمَّاقِ،
يُلوِّحَان ِبأَيْديهِمِ النَّارِيَّة. لَمَسا الشَّجَرَ، ولَعَقا
رَاحَاتِ أَيْديهِم، وتَوَرَّدَا فَوقَ الأَخَشابِ الّتي تَحْتَرق.
حِكايةٌ خُرافيَّة
كيفَ ابتَسَمتْ شَواهدُ القُبور!
والغُيومُ، مِثلَ أَزهَارٍ،
استَقرَّتْ فَوقَ الأَشجَارِ
بِتَرتيَباتٍ رَماديَّةٍ،
عِندَما اختَبأْتُ فَوقَ التَّلَّةِ
كَي أُشاهدَ جَنازَتي.
أُمِّي، بِلباسٍ من وَبَرِ الإِبلِ
الرَّماديِّ وعَلى انتِبَاهةِ
(أَوامرِ الوَزيرِ)، تَبكي
إِلى أَن رَفعَ وَالدِي
تَابُوتي عَاليًا نَحْوَ فَتحةٍ
في الغُيومِ، حَيثُ طَفَا هُناك.
وَسطَ دوَّامةٍ من الأَوراقِ
والظِّلالِ، مِثلَ غِمدِ
لحاءٍ أُطلِقَ فَوقَ جَدوَلٍ -
ضَحكتْ بَعدَ ذلكَ،
ورمَتِ الأزهار فوق الرَّأس،
ورَقصَتِ الدَّبكةَ حول قَبري…
وعِندَما أَعطَى تَابُوتي
دَفعةً، وأَبحرَ نَحوَ الشَّمسِ،
وتَدحرَجتُ أَنا عن التَّلَّةِ
كي أَلحقَ الذي اختَرتُهُ،
انضمَّتْ إلى الحَشدِ في صَمتٍ،
وقد تَصلَّبتِ الدُّموعُ فَوقَ شَفتَيها.
صَـلاة
هُنا في أَرْضِ المِلْحِ والحِجَارَةِ،
حَيْثُ رَائحةُ الطَّحالبِ المُتعفِّنةِ والمِياهُ المالِحَةُ لِلقريديس تَغتَسِلُ فَوقي،
وتَشطفُ عُيوني وخَياشِيمي مِثلَ البَرْدِ؛
الذي يَحكُّ نَزْفَ البَلُّوطِ في التِّلالِ قَبلَ ضَمادَاتِ الثَّلجِ
ويَحِلُّ في أَسفَلِ المُنحَدراتِ، حَيثُ تَنساقُ النَّحلاتُ الأَخيرةُ مَع الأَورَاقِ
نَحوَ يَنابيعِ الوَادِي كي تُضيءَ مَع النُّجُومِ؛
وحَيثُ الَجرادُ في دَمِ القِدِّيسينَ، والنَّوارسُ تَملأُ
المُربَّعَ المُقدَّسَ، وأَبراجُ الكَنائسِ تَرفعُ قُبَّعاتِهم الدُّخَانيَّةَ والسَّديمَ
للتَّرحيبِ بالرِّجَالِ العُمْيِ الّذينَ يُغنُّونَ في الشَّارعِ؛ -
أَسمعُ السَّاعَات المُغطَّاةَ تَضرِبُ الطُّبولَ ثَانيةً،
وَلذلكَ أُكرِّرُ صَلاتي:
أَثِقُ بالرِّيحِ تَلثغُ بأُغنِيتهَا المُقدَّسةِ خِلالَ ثُقبِ المِفتَاحِ؛
في صَوتِ دَوَرانِ المِزلاجِ عِندَما مِنضدَتي تُنفَخُ مَفتُوحةً؛
وفي الكَلمَاتِ، كأَحضَانِ البِسَاطِ على الحَائطِ، الّتي تُرشِدُني
خِلالَ قَناةِ الصَّفحةِ الفَارغَةِ
خَارِجًا باتِّجاهِ البَحرِ المَفتُوح.
البَحـر
الأَوراقُ أَسرعَتْ عبْرَ السَّقفِ،
لأَنّهُ كَانَ الخَريفُ؛ ذلكَ أَنَّ بَيتَنا
يَتمدَّدُ في الظِّلِّ العَميقِ لِشَجرِ القَيقَبِ والبلُّوط؛
ولأَنّني اختَرتُ كَلمةَ َأسرَعْتُ من خِلالِ الأَقفَاصِ
ومَمرَّاتِ الحلُمِ لَيلةَ أَمس، ومن استيقَاظِي
في الفَجرِ - وَحِيدًا…
ولأَنّكِ غَادَرتِ،
الأَوراقُ تُسرِعُ نَحوَ السَّقفِ،
والبَيتُ الفَارغُ يَهمِسُ، سُقوط، سُقوط،
وأَنا أَشمُّ هواءً مالحًا - وكذلكَ البَحر.
كريستوفر ميريل
ترجمة
محمد حلمي الريشة