بسم الله الرحمن الرحيم
حلقتان عن الذئب
(الحلقة الأولى)
ورد ذكر الذئب في القرآن الكريم ثلاث مرات في ثلاث آيات 0
قال تعالى: قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون( الآية 13 سورة يوسف)
وقال تعالى: قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون(الآية 14 سورة يوسف)
وقال تعالى: قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب(الآية17 سورة يوسف)
كانت الذئاب في السابق موجودة بمنطقتنا بشكل ملفت للنظر وبأعداد لا يستهان بها وكانت الذئاب توجد بمنطقتنا على شكل فرادى ومثنى وجماعات يصل عددها في بعض الأحيان إلى سبعة ذئاب وكانت الذئاب تشكل خطرا على الأغنام حيث كانت الذئاب تهاجم الأغنام ليلا في المنازل وتأخذ منها ما تستطيع أخذه حيث تجره بعيدا عن المنازل ثم تفترسه وتطعم منه صغارها 0ناهيك عما إذا وجدت بعض الغنم الضائعة في مكان خالي من الناس ليلا فهي تعوث فيها فسادا ولا تبقي واحدة منها على قيد الحياة أو سليمة مها كان كثر الغنم وتهاجم أيضا نهارا ولكن بشكل أقل0 والذئاب حيوانات ذكية جدا وعندما تهاجم الغنم في المراح لا تهجم الذئاب على الغنم جميعا بل يهجم أحدهما والبقية تنتظر وعندما تشعر الكلاب بالذئب المهاجم تهاجمه الكلاب وترفع أصواتها بالنباح وتطارده وربما رعي الغنم يستيقظ ويساند كلابه فتهجم الذئاب الباقية على الغنم من الجهة الأخرى وتأخذ ما تستطيع أخذه0ولكن أهل الغنم يعرفون أساليب الذئاب فإذا طردت الكلاب ذئبا من جهة أخذ راعي الغنم سلاحه المتوفر لديه ووقف في الجهة الثانية يحرس الغنم من الذئاب الأخرى0والذئب إذا هاجم الغنم فإنه يختار خيارها وأسمنها ويبدأ بها أولا ثم التي تليها إذا كان الغنم في الخلاء وليس عنده أحد أما إذا كان الغنم في المراح وحولها أناس وكلاب فإنه يختار أسمنها وأصغرها حجما ليتسر له الهروب بها بسهولة ويسر0
صورة تبين شكل الذئب وهويتحفز للهجوم:
كنا نفرق بين قفر(أثر) الذئب وأثر الكلب بالعلامات التالية:
1- الذئب دائما يهتب هتبا في سيره العادي وأحيانا يثلث يعني دائما سيره متوسط بين المشي والجري ويبان هذا في أثره0ونادرا ما يتوقف0 ويسلك طرقا بعيد عن الأماكن المأهولة بالسكان إلا إذا أراد أن يهاجم الأغنام التي في المناطق المأهولة0
2-الكلب دائما يمشي وأحيانا قليلة يهتب ويقف بين الحين والأخر ودائما الكلاب في السابق لا تبرح ولا تبتعد الأماكن المأهولة بالسكان0وغالبا يكون قفر الذئب أكبر من قفر الكلب0
وكنا نميز قفر(أثر)الذئب من أثر الذئبة بالعلامات التالية
1- أقدام الذئب الذكر أكبر من أقدام الذئبة الأنثى وبهذا يكون أثر الذئب في التربة أكبر من أثر الذئبة ويكون أثر أقدام الذئبة في التربة أصغر من أثر أقدام الذئب.
2- الذئب عندما يتبول يرفع أحدى رجليه ليتبول إلى اليمين أو إلى اليسار ويكون أثر بوله يمين أو يسار مقام تبوله. أما الذئبة عندما تتبول فإنها تفتح رجليها لتتبول ويكون بولها في وسط مقام تبولها0
وهذه قصتين من قصصي مع الذئب في الماضي:
وبما أنني كنت راعي غنم في السبعينات والثمانينات الهجرية من القرن الثالث عشر الهجري أي من عام 1370إلى عام 1385هـ فقد كانت لي مع الذئاب بمواقفوقصص كثيرة منهاهاتين القصتين :
1-القصة الأولى:في عام1371هـ تقريبا كنا أنا وأخي الأكبر رحمة الله عليه نرعى ونعزب بغمنا في خبت السر وفي المساء أنا أروح للقرية وأخي الأكبر يبقى مع الغنم في الخبت وأخي الأكبر الثاني يسري بزاد العشاء لأخي الذي يبقى مع الغنم ويبات معه حتى الصباح ويعود للقرية وأنا في الصباح أخذ زاد النهار والحق بأخي الذي مع الغنم وأبقى معه نرعى بالغنم حتى المساء ثم أعود للقرية وهكذا0وفي إحدى الليالي وفي أول الليل نام أخي الذي مع الغنم وسرى الغنم من المراح (مبيت الغنم كل ليلة) على ضوء القمر وهجم على الغنم ثلاثة من الذئاب وعاثت بالغنم فسادا لا يوصف0 وعندما وصل أخي الثاني للمكان الذي نعزب فيه بالغم وجد أخي الذي مع الغنم نائما والغنم ليس موجدا ولما أيقضه من النوم وسأله عن الغنم عرفا كليهما أن الغنم قد سرى من الموى وفي أثناء بحثهما عن الغنم وجدا بعض الغنم معقرا(مقتلا) فعرفا أن الذئاب قد سبقتهما وعدت(هجمت)على الغنم فبعثا من يخبر الأهل والجماعة وطلب المساعدة للبحث عن الغنم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه واسمرا الاثنين في البحث عن الغنم في المنطقة0وبعد وصول الخبر للأهل والجماعة هبوا للمساعدة وأخذوا معهم أدوات الإنارة التي كانت متوفرة في ذلك الزمان وهي السرج لغرض تتبع قفور(أثار) الغنم ولكن السراج فائدته قليلة لأن الهواء يطفئه وإذا تحركت به في الهواء انطفأ0وقد تمكنوا من العثور على القيل والقليل جدا من الغنم في الليل0وبما أن الغنم عددها يزيد على250رأسا لكن الذئاب فعلت في الغنم أفعال شنيعة0بعد هجوم الذئاب على الغنم تشتت(تفرقت) الغنم أشتات وتفرقت الذئاب أيضا فكل ذئب يطرد ويعقر(يقتل) فيما يجد من الغنم وأكثر العقر وقع في الضأن فعقرت الذئاب تلك الليلة مالا يقل عن50رأسا من غنمنا أكثرها من الضأن وما يقارب 100رأس ما بين مشروتة ومنيبة[المشورتة هي ما أخذ الذئب جزء من سبلتها(ليتها)من الضأن والمنيبة هي ما جرحها لذئب بأنيابه في رقبتها من الضأن أو الماعز]وما بقي من الغنم سالما تفرق في المنطقة بعضه وصل لقرية الرمضة وقرية العبدلية في جهة القيوس والبعضالأخر وصل لقرى الشمهانية وعنطوطة والعراشية والسعدية والبعض بقي هائما في الخبت لم نعثر عليه إلا في اليوم الثاني وبعض من الغنم أصيبت بالجنون وبقيت بقية حياتها شاردة لا تستقر حتى ماتت0
2- القصة الثانية:في أحد الأيام كنت أرعى بغنمي منتصف النهار في الحوسية(خبت) يقع جنوب شرق قرية الخوجرة وضمن غنمي نعجة مُعزية(تعيش دائما مع الماعز)ولا تمشي مع الضأن لأن أمها ماتت عنما نتجت(ولدت)ورضعتها من الماعز0وبينما الماعز ومعه هذه النعجة يرعي في خزنة(مكان منخفض) قليلا عما حوله من الأرض تتجمع فيه مياه الأمطار فتكثر به الأشجار وكان الماعز يرعى بين أشجار الحصار الكثيفة لحد ما والضأن ترعى في ظهرة (مكان مرتفع قليلا)وأنا أقف بين الماعز والضأن 0تسلل الذئب حتى وصل إلى مكان الماعز ومسك النعجة التي تعيش دائما مع الماعز وثبتها في مكانها ولم يحاول جرها والهروب بها فجفل الماعز ولما جفل الماعز لفت انتباهي فنظرت حوله ولم أرى شيء غريبا فتجهت للمكان الذي كان به الماعز قبلما يجفل وأبحث بين الأشجار لأعرف السبب الذي جفل منه الماعز فسمعت رفس النعجة بأيديها وأرجلها في الأشجار التي حملها فتوجهت لجهة الرفس لأرى ما هناك حتى لم يبقى بين وبين الذئب والنعجة إلا قرابة خمسة أمتار إلا والذئب قد رفع رأسه ونظر نحوي فصحت عليه فترك النعجة وابتعد ما يقرب من عشون مترا ووقف متجها ناحيتي ويتلحس شنافه(شفا يفه)بلسانه وقامة النعجة سليمة ولم تصاب بشيء0وباقي قصص كثيرة ولكن أكتفي بهاتين القصتين في هذه الحلقة0أسباب تناقص الذئاب في المنطقة
لقد تناقص عدد الذئاب في منطقتنا بشكل كبير في الآونة الأخيرة وأصبحت الذئاب لا ترى إلا نادرا وفي الأماكن الجبلية وما جاورها من الأماكن التي يتوفر بها الغطاء النباتي والفرائس أما سهول تهامة فلا نسمع بها ذكر للذئاب إطلاقا0 وهناك عدة أسباب أدت إلى تناقص الحيوانات البرية بمنطقتنا ومن هذه الحيوانات الذئاب ومن هذه الأسباب قلة الأمطار وتناقص الغطاء النباتي وقلة الفرائس التي تتغذى بها الذئاب والصيد والقتل الجائر مع توفر الأسلحة الحديثة ووسائل المواصلات والتوسع العمراني والرقعة الزراعية وقد استغل الإنسان المعدات الحديثة مثل الحراثات والتركتورات لإزالة الكثير من الأشجار التي كانت هي الملاذ الأمن للكثير من الحيوانات البرية لاستغلال الأرض في الزراعة0
صورة ذئب معقور ومشنوق بعمود لوحة إعلانات:صورة لذئب مقتول وقاتله يجلس لجانبه:
طرق إبعاد الذئاب عنك في الصحراء:
بالنسبة للذئب فإنه يخشى عدة أمور منها : الإنسان الكلاب ، النار الكبيرة أما الشعلة الصغيرة فلا تؤثر فيه أبدا ، كما انه قيل أن الذئب يخاف من لمعه السيف، ويخاف كثيرا من امدوف(صوت البندق)0
وللذئب عدة أسماء ومنها:
سرحان - أبو على - أبو فروة- الدؤلي- النهشل- السيد- العملس- أبو جعدة- أطلس
أنواع الذئاب التي تعيش بمنطقتنا:
1- الذئب العربي ويعرف علمياً باسم Canis lupus arab ويوجد في جميع مناطق المملكة وخاصة سلسلة جبال السروات وأوديتها ووادي السرحان والمناطق التي يتوفر بها الغطاء النباتي والفرائس في السهول والصحاري ويوجد الذئب العربي كذلك في اليمن وجميع دول الخليج والعراق والأردن ولكن الذئاب تناقصت أعدادها في جميع هذه الدول ولنفس الأسباب أنفة الذكر0
2- ذئب الجزيرة العربية الأسحم(الأدخن)وهو يشبه الذئب الرمادي إلا أن لونه أغمق قليلا وخاصة الرقبة وفوق الكتفين0
3- الذئب الإيراني أو ذئب الغابات ويعرف علمياً باسم Canis lupus pallipus ويعيش في الجبال المطلة على السواحل والمنخفضات ولكنه لا يتوغل كثيراً في السهول والصحراء.معلومات علمية عن الذئب العربي0
المملكة: الحيوانات
الشعبة: الحبليات
الصف: الثدييات
الرتبة: اللواحم
الفصيلة: الكلبيّات
السلالة: العربية
الجنس: الذئب الرمادي
وضع السلالة: مهددة بالانقراض بصورة حرجة
معدل طول الذكور: 125 سنتيمتر
معدل الوزن ا: 40 كغم
معدل الحياة في البرية: 10-15 سنة تقريبا
سلالات الذئاب الموجودة بالوطن العربي:
توجد ثلاثة أنواع رئيسية مستوطنة في الوطن العربي و هي:
1-الذئب العربي الذي يتواجد حاليا في المملكة وخاصة في عسير وجيزان واليمن وبعض مناطق الخليج بشكل عام وجنوب الأردن والعراق و سيناء.
2- الذئب المصري الذي يتواجد في شمال إفريقيا و خصوصا في شمال مصر و شمال شرق ليبيا.
3- الذئب الإيراني يتواجد جنوب سوريا لبنان شمال الأردن و إسرائيل وأجزاء من شمال و غرب العراقتناسل وتكاثر الذئاب:
من المعروف عن الذئب الذكر انه وأنثاه يتعاشران مدى الحياة وبذلك فهما يشكلان زوجين جيدين وتحمل الأنثى مرة واحدة في العام وتجنب عادة من أربعة إلى ستة جراء ، وفترة الحمل لدى الإناث تقدر ب۶۳ يوماً قبل أن تلد صغارها، وعند ولادتها فإن الصغار تعتمد على الأم اعتماداً كلياً وعلى بقية أعضاء القطيع، فجراء الذئاب عند الولادة تكون غير قادرة على الرؤية أو السمع وتعيش الشهر الأول مع الأم في جحرها ويتناوب الذكر مع الأنثى في رعاية الجراء، ويبلغ حجم الجرو الواحد عند الولادة رطلا ولكنه ينمو سريعاً مع مرور الأيام، وبعد مضي أسبوعين على الولادة تبدأ في فتح أعينها والرؤية ويتبع ذلك قدرة السمع بعد أسبوع واحد فقط والمشي أيضاً، ولا تبدأ الجراء في أكل اللحم ألا بعد مضي ستة أسابيع على ولادتها، ويتم تدريب صغار الذئاب من قبل كامل أعضاء القطيع، ومن أهم عوامل التعليم هي اللعب، فهي تقوم باللعب بالعظام وبقايا جلود الفرائس حتى تتمكن في المستقبل من الخروج للصيد مع أعضاء القطيع البالغين.
صورة أنثى الذئب مع جروها:صورة جراء الذئب:
طباع الذئب:
شرس قوي الجسد، سريع العدو ويتمتع بقدر من الذكاء وسعة الحيلة ويمكنه التكيف والعيش في جميع أنواع البيئة. يجوب الذئب أحياناً مساحات شاسعة من الأراضي والأماكن بحثاً عن الطعام ويكون ذلك أما بمفرده أو ضمن عائلة مكونة من عدة أفراد، أو ضمن مجموعة كبيرة تشكل قطعياً،وللذئب صوت قوي يصل إلى مسافات بعيدة يقال له العواء ويقوم بإطلاقه في فصل التزاوج وهو أشهر الشتاء وتتوالد في الربيع وتتعاوى الذئاب إذا كانت جائعة والعجيب في ذلك أيضا انه إذا عوى ذئب جاوبنه الذئاب الأخرى التي تسمعه بالعواء فهذا غالباً يدل على تعاون الذئاب0والعواء وسيلة الاتصال بين الذئاب
وفي أحيان نادرة فانه ينبح مثل الكلب. وعندما تكون الذئاب في قطعان كبيرة فإنها تكون شديد الخطورة. فهي تهاجم أي شيء في طريقها وتقوم باصطياد الحيوانات التي تفوقها حجماً ووزناً، كما لا تتورع عن مهاجمة القرى النائية محاولة افتراس الحيوانات الأليفة مثل الخراف والأغنام والماعز وعندما تكون الذئاب جائعة قد تهاجم الإنسان إذا وجدته وحيدا في منطقة خالية من الناس أو شمت به رائحة الدم0
غذاء الذئب:
يتغذى الذئب على الفرائس من الأغنام الأليفة ومن الغزلان والأرانب والقوارض والحيوانات الصغيرة مثل السناجب والقوارض والطيور والزواحف والحشرات والجيف أحياناً ويقال إذا كانت الذئاب جائعة عادة ما تفترس الضعيف أو الكبير بالسن منها. وعندما يندر الطعام فإن الذئاب تأكل الفاكهة والنباتات البرية0
صورة الذئب يفترس حيوان:
وهذه بعض صور لأنواع الذئاب في العالم
1- صورة الذئب العربي البني:
2- صورة الذئب العربي الأسحم3- صورة الذئب الرمادي:
4- صورة ذئب الصحراء المصرية:
5- صورة الذئب الهندي:
6- صورة الذئب المكسيكي:

المراجع
1- معلوماتي عن الذئب
2-كتب ومرجع مختلفة
3- الشبكة العنكبوتية ومنتديات مختلفة
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله