جاءته تطلب منه 2800 ريال ثمن ثوب لتشهد به زفاف إحدى صديقاتها ،
فأعطاها إياها وبسمة تغشى محيّاه ،
وكله شوق لرؤية ذلك الثوب الذي لم يدفع قط لثوب مثل قيمته ...!

كان يتخيله ثوباً يفيض بالستر لكثرة ما سيحمله من أقمشه ،
وكذلك ثوباً تنوء بحمله الأكياس .. لكبره ،
فسعره مرتفع نسبياً ...

ذهب بالحبيبة إلى حيث تريد وأوقف سيارته ،
ثم نزل وإياها ؛
وترجلا مسافةَ يسيرة وإذا بروق المحل تبدو !

دخلت عَجِلة وابتاعت ما أرادت ،
وعادت إليه تحمل كيساً بالكاد يتسع لجوربين ،
بل وحتى الجوربين إيّاهما سيتزاحمان فيه أيّما زحام ..!!

فأسرها في نفسه ولم يبدِ لها شيئاً ،
فلعل في الأمر خطأً ،
والسوق ليس موضع نقاش أخذٍ وردٍ ؛
لأصحاب السمو الملكي - أعني حكّام مملكة بيته - ...

عادا إلى البيت ...

هُرعت إلى غرفتها لترتدي جديدها ،
وتُري زوجها ما ابتاعت من لباسٍ راقها ...

وأما هو فرمى بنفسه على الأريكة ،
وبدأ يقلّب القنوات إزهاقاً لروح الانتظار المملة ...

ها هي ... جاءت !

رآها ...
فغطى عينيه بيديه .. وقال :
-
لا يا حبيبة ...
أريد أن أراك بكامل الثوب ،
ما كرهت شيئاً في حياتي ككرهي للأقساط ،
استنزفت مالي أيام زواجي ولا أريدها أن تستنزف صبري الآن !

ضحكت بغنج ثم أمسكت بيديه ؛
وفتحت ستارة المسرح ليرى المشهد مكتملاً :- هذا هو كامل الثوب ...
ما رأيك به ؟!!

قال ساخراً :
- حبيبتي .. من منكما الذي يرتدي الآخر ،
أنتِ أم هوَ ؟!!

فهِمَت مقصده ،
وبخبث مرأة أرادت أن تنسيَ من أمامها خطاً ،
ارتمت في أحضانه .. وقالت :- بل أنت من سيرتدينا كلينا يا حبيبي !!

تناست تلك الجميلة أن زوجها ذا مبدأ وقيمة ؛
فرفعها ووضعها بجانبه ... وقال :
- أتعلمين يا حبيبة أنهم لم يبيعوكِ بما اشتريتِ ثوباً ،
بل باعوك جسدك لترتديه أمام الناس ،
ويالهم من أصحاب وقاحة يوم أن باعوا جميلتي ... ؛
فقط بـ 2800 ريال !!!

ثوب بالكاد يغطي صدرك وبطنك وأجزاء من ظهرك ،
ثم هو لا يتجاوز الركبتين نزولاً ...
أي قيمة يحوي ؟!!

لقد باعوا جسدك وجماله الساحر بذلك المبلغ الزهيد ،
ووهبتيهم أنتِ بكرمكِ ... حيائكِ !

كنّا نسمع في كل مكان ..
" اشتر كيس رز واحصل الآخر مجاناً "

فكنّا نذهب سراعاً لنشتري ونخّزن ،
وكنّا ندفع له المال ونأخذ البضاعة معنا ،
ونعود فرحين وكأننا ضحكنا على البائع بفعلتنا !

لم أكن أتصوّر أن نكون نحن الأضحوكة ... يوماً ،
نبيع لغيرنا ..
فنَهَبُ البضاعة الغالية ..
ولا نقبض الثمن ولا حتّى آجلاً ..!!

أتبيعين يا حبيبتي جسدكِ ..
وتهبين البائع حياءك فوقها .. مجاناً ،
وفوق كل ذلك تدفعين أنتِ ولا يدفع هوَ لكِ .. ؟!!

آوااااااااه يا غالية ...!

لكِ مني قيمة ثوب آخر ولو بالضعف ،
على أن يحمي درتي وجوهرتي ويغطيها تماماً ...!كانت كلماته تنصب في أذنها ،
فتدغدغ مشاعر كبرياء الأنوثة فيها ،
وتقول في نفسها :[ زوجـي يغار ... لأنه يحبني ! ]

.
.

:::::::::: هامش ::::::::::

مؤسف ما يُروى لنا اليوم من منكرات الأعراس ،
وعلى رأسها ما يُذكر من محرمات في الملبوسات ،
تفسّخ وإنحلال بكل ما تعنيه الكلمة ،
ولو افترضنا أن الدين ضعُف عند الكثير من الناس ،
[ فأين حياء المرأة ؟!! ]

... والله المستعان !

ملطوش
:mohammed: