لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 20 من 55

الموضوع: شاعر وقصيدة ..

مشاهدة المواضيع

  1. #30
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية وجدان

    .. طيف عابر ..
    تاريخ التسجيل
    09 2008
    المشاركات
    4,749

    رد: شاعر وقصيدة

    واحـر قلــــباه ممــن قلبــه شبــم=ومن بجسمـي وحـالي عنده سقـم
    مـــا لـي أكتم حبا قد برى جسدي=وتدعي حب سيف الدولة الأمم
    إن كــــان يجمعــنا حب لغرتــه=فليت أنا بقدر الحــــب نقتســـم
    قد زرته و سيوف الهند مغمـــدة=وقد نظرت إليه و السيـوف دم
    فكان أحسن خلــــق الله كلهـــم=وكـان أحسن مافي الأحسن الشيم
    فوت العــدو الذي يممـــته ظفر=في طــيه أسف في طـــيه نعــــم
    قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت=لك المهابــــــة مالا تصنع البهم
    ألزمت نفسك شيــــئا ليس يلزمها=أن لا يواريـهم بحر و لا علم
    أكلــما رمت جــيشا فانثنى هربا=تصرفت بك في آثاره الهمــم
    عليك هــــزمهم في كل معتـرك=و ما عليــك بهم عار إذا انهزموا
    أما ترى ظفرا حلوا سوى ظفر=تصافحت فيه بيض الهند و اللمم
    يا أعدل الناس إلا في معــاملتي=فيك الخصام و أنت الخصم والحكم
    أعيذها نظـــرات منك صادقـــة=أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
    وما انتفاع أخي الدنيا بناظـــره=إذا استـــوت عنده الأنوار و الظلم
    سيعلـم الجمع ممن ضم مجلسنا=بأننــي خير من تسعى به قـــــدم
    أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبــي=وأسمعـت كلماتي من به صمــم
    أنام ملء جفوني عن شواردها=ويسهر الخلق جراها و يختصم
    و جـــاهل مده في جهله ضحكي=حتى أتتــــه يــد فراســة و فم
    إذا رأيـــت نيوب الليــث بارزة=فلا تظنـــن أن الليــث يبتســم
    و مهجـة مهجتي من هم صاحبها=أدركتـــه بجواد ظهره حـــرم
    رجلاه في الركض رجل و اليدان يد=وفعلـــه ماتريد الكف والقدم
    ومرهف سرت بين الجحفليـــن به=حتى ضربت و موج الموت يلتطم
    الخيل والليل والبيــداء تعرفنــــي=والسيف والرمح والقرطاس و القلم
    صحبـت في الفلوات الوحش منفردا=حتى تعجـــب مني القور و الأكــم
    يــــا من يعز عليـــنا أن نفارقهـــم=وجداننـا كل شيء بعدكم عــدم
    مــا كان أخلقــنا منكم بتكـــرمة=لـو ان أمــركم من أمرنـا أمــم
    إن كــان سركـم ما قال حاسدنا=فما لجـــرح إذا أرضاكـــم ألــم
    و بينــنا لو رعيتم ذاك معرفــة=إن المعـارف في أهل النهـى ذمم
    كم تطلبـــون لنا عيبـا فيعجزكم=و يكره الله ما تأتون والكــرم
    ما أبعد العيب و النقصان عن شرفي=أنا الثـــريا و ذان الشيب و الهرم
    ليـت الغمام الذي عندي صواعقه=يزيلهـن إلى من عنـده الديــم
    أرى النوى تقتضينني كل مرحلة=لا تستقـل بها الوخادة الرسـم
    لئن تركـن ضميرا عن ميامننا=ليحدثن لمـن ودعتهــم نـدم
    إذا ترحلت عن قـوم و قد قـدروا=أن لا تفارقهم فالـراحلون هــم
    شــر البلاد مكان لا صــديق بــه=و شر ما يكسب الإنسان ما يصم
    و شـر ما قنصته راحتي قنص=شبه البزاة سواء فيه و الرخم
    بأي لفظ تقـول الشعــر زعنفة=تجـوز عندك لا عــرب ولا عجم
    هذا عـتابـك إلا أنـه مقـة=قـد ضمـن الدر إلا أنه كلم


    أبو الطيِّب المتنبي



    أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً باللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها،
    وله مكانة سامية لم تتح مثلها لغيره من شعراء العربية. فيوصف بأنه نادرة زمانه،
    وأعجوبة عصره، وظل شعره إلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء. وهو شاعرحكيم،
    وأحد مفاخر الأدب العربي. و تدور معظم قصائده حول مدح الملوك. ترك تراثاً عظيماً من الشعر،
    يضم 326 قصيدة، تمثل عنواناً لسيرة حياته، صور فيها الحياة في القرن الرابع الهجري
    أوضح تصوير. قال الشعر صبياً. فنظم أول اشعاره و عمره 9 سنوات . اشتهر بحدة الذكاء
    واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية باكراً.

    أبو الطيب المتنبي ،،
    صاحب كبرياء وشجاع طموح محب للمغامرات. في شعره اعتزاز بالعروبة،
    وتشاؤم وافتخار بنفسه، أفضل شعره في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك،
    إذ جاء بصياغة قوية محكمة. إنه شاعر مبدع عملاق غزير الإنتاج يعد بحق مفخرة للأدب العربي،
    فهو صاحب الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وجد الطريق أمامه أثناء تنقله مهيئاً لموهبته الشعرية الفائقة لدى الأمراء والحكام،
    إذ تدور معظم قصائده حول مدحهم. لكن شعره لا يقوم على التكلف والصنعة،
    لتفجر أحاسيسه وامتلاكه ناصية اللغة والبيان، مما أضفى عليه لوناً من الجمال والعذوبة.

    تعريف به و بنشأته و تعليمه :
    أبو الطيب، أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي الكندي. ولد في الكوفة عام 303 هـ
    في حي كندة فنسب إليه فقيل: الكندي.
    نشأ المتنبي بمدينة الكوفة، وقد كان أبوه فقيراً إلا أنه حرص على تعليمه وتثقيفه،
    وكانت مدينة الكوفة تزخر بالعلماء والأدباء، فتردد المتنبي على حلقات العلم،
    واستمع إلى رواة الشعر والأخبار، وكان ذكياً وهبه الله حافظة قوية ساعدته
    على حفظ أشعار العرب وأخبارها، مما كان له أكبر الأثر في شعره.
    وقد ذهب إلى البادية وأقام بين الأعراب، وأخذ عنهم اللغة العربية الصافية والأخلاق الأصيلة،
    فنشأ أعرابي الطبع معتزا بنفسه وقومه العرب، مما انعكس بعد ذلك على شعره وحياته.
    ونبغ المتنبي في الشعر وهو صغير، فتنقل بين بوادي العراق والشام يمدح زعماء القبائل.
    وقد أدى نبوغه المبكر وقوة شعره وما يكشف عنه هذا الشعر من طموح وأطماع إلى اتهامِه
    بادعاء النبوة عام 333 هـ، فسجنه والي حمص من قبل الِإخشيديين، وضيق عليه الخناق،
    فكتب المتنبي قصائدًا كثيرة إلى الوالي يستعطفه من غير ذلة، وينفي عن نفسه ادعاء النبوة، فأطلقه الوالي.
    وقد قيل: إن المتنبي قد ادعى النبوة فعلاً، وهذا زعم باطل، وإنما رماه حساده بهذه الدعوى،
    وتأولوا أبياته لتتفق مع زعمهم، كقوله:

    أنا في أُمةٍ تداركها اللـ ـهُ ... غَرِيْبٌ كَصَالِحٍ في ثَمُودِ
    وقوله:
    ما مُقامي بأرض نَخْلَة إلاَ ... كمقام المسيح بين اليهود

    أما تلقيبه بالمتنبي
    فقد أطلقه عليه بعض المعجبين بشعره رمزاً لعبقريته الشعرية،
    وأنه أتى في أشعاره بما لم يسبقه إليه غيره.
    واصل المتنبي تنقله بين مدن الشام وبواديه حتى اتصل بأبي العشائر الحمداني
    والي إنطاكية من قبل سيف الدولة الحمداني، ومدحه بقصائد جميلة، فقدمه
    أبو العشائر إلى سيف الدولة. وهنا بدأت مرحلة جديدة من مراحل حياة المتنبي،
    حيث انتقل إلى حلب عاصمة سيف الدولة عام 337 هـ، ولازم سيف الدولة في سلمه وحربه،
    وفي حله وترحاله، وأصبح أكبر شعرائه وموضع الحفاوة والاحترام منه، قال فيه
    أعظم قصائده وهي القصائد المشهورة بالسيفيات (نسبة إلى سيف الدولة).
    وبلغ المتنبي في هذه المرحلة قمة عطائه الشعري وإبداعه الفني،
    واستمر في كنف سيف الدولة تسع سنوات، لكن الحساد والمنافسين للمتنبي من الشعراء
    الذين أخمل ذكرهم والأدباء الذين كثف جهلهم تألبوا عليه، وتولى كبر ذلك أبو فراس الحمداني
    الشاعر المشهور وابن عم سيف الدولة، وابن خالويه اللغوي النحوي ومؤدب سيف الدولة،
    وأخذوا يكيدون له عند سيف الدولة حتى أعرض عنه، فقال المتنبي مُعَرضاً بذلك
    وأنه ينوى مغادرة حلب:

    يا مَنْ يَعُزُّ علــيـنا أن نُفَارِقَهُم ... وِجْدَانُنَا كل شـيء بعدكم عَدَمُ
    إن كان سَرَّكُمُ ما قـال حَاسِدُنا ... فما لِجُرْحٍ إذا أرضـاكُــمُ أَلَمُ
    وبيننا- لو رَعَيْتُم ذاك- مَــعْرفَة ... إن المعارف في أهـل النـهى ذِمَم
    كم تَطْلِبُونَ لنا عَيْبَا فَيُــعْجِزكُم ... ويكره الله ما تأتــون والـكَرَمُ
    ما أبعدَ العَيبَ والنُقْصَانَ عن شَرَفِي ... أنا الثريا وَذَانِ الشًــيْبُ والهَرَمُ

    وبعدها رحل المتنبي عن حلب عام 346 هـ قاصداً كافورا الإخشيدي حاكم مصر.
    وفي مصر كان المتنبي يطمع في أن يجد عند كافور ما يعوضه عن فراق سيف الدولة،
    لكن كافوراً كان داهية يحسب لطموح المتنبي وأطماعه ألف حساب، فأغدق عليه المال،
    لكنه كان يراقبه ويُحْكم عليه الطوق. وكان المتنبي يطمح في أن يوليه كافور أمارة تكون
    خطوة في طريق تحقيق أحلامه في الحكم، لكن كافورا لم يوله شيئا، فأصبح المتنبي
    يمدحه بقصائد تحتمل المدح والذم. ثم قرر الهرب من مصر فغادرها ليلة عيد الأضحى
    عام 350 هـ وهجا كافورًا هجاء مقذعًا، وذهب إلى الكوفة ومنها إلى بغداد عام 351هـ.
    ولكنه لم يمدح أحدا فيها، مما جعل الوزير المهلبي وزير معز الدولة بن بويه الذي كان
    يطمع في أن يمدحه المتنبي يغرى شعراء بغداد وأدباءها بمهاجمته
    والانتقاص من قدره وشعره , لكنه تركهم وغادر بغداد إلى أرّجان قاصدا زيارة
    ابن العميد ومدحه، ثم سافر إلى شيراز ومدح عضد الدولة البويهى، ثم قرر أن يعود
    إلى الكوفة مسقط رأسه، لكن أعراباً من بني ضبة بقيادة فاتك الأسدي اعترضوا
    طريقه لأنه كان قد هجا ضبة بشعر مقذع ، فدار قتال شديد بينهم وبين المتنبّي وابنه وغلامه ،
    وأراد المتنبي أن يفر ولكن غلامه قال له: كيف تفر من المعركة. وأنت القائل:
    الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والسيف والرمح والقرطاس والقلم
    فصمد في المعركة حتى قتل عام 354 هـ .

    شعره:
    يعتبر المتنيي أكبر شعراء العربية، وقد ذاع شعره في الآفاق لما فيه من الحكمة
    والتجارب الصادقة، مع قدرة عجيبة على التعبير، حتى قال عن شعره مخاطبا سيف ا لدولة:

    و ما الدهر إلا من رواة قصائدي ... إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا
    أجزني إذا أنشدت شــعرا فإنما ... بشــعري أتاك المادحون مرددا
    و دع كل صوت غير صوتي فإنني ... أنا الطائـر المحكي والآخر الصدى

    وهناك عوامل كثيرة أدت إلى تفوق المتنبي في الشعر، منها: نشأته العربية الأعرابية،
    وذكاؤه المفرط، وحفظه لعيون الشعر العربي، ثم نفسه الأبية، وطموحه الذي لا يبارى،
    ثم ما اكتسبه في حياته من تجارب، وما تقلب فيه من أحوال وأهوال.
    وقد استطاع أن يجمع بين عمق المعاني وبين سلاسة الشعر وجمال التركيب،
    فجاءت الحكمة في شعره وقد لبست ثوب الشعر فحفظها الناس
    ورددتها الأجيال العربية على مر العصور.
    وفي بعض شعره مبالغة غير مقبولة وشيء من الشذوذ اللغوي،
    لكن ذلك لا ينقص من قدره وإن حاول أعداؤه وحساده تضخيم عيوب شعره وإبرازها.

    أغراض شعره:
    قال المتنبي في الشعر أغراض كثيرة، لكن
    الفخر
    يأتي في مقدمة أغراضه
    فقد بلغ فيه الذروة بل غالى بنفسه وأسرف في المغالاة حتى خرج عن حدود العقل
    يقول:

    أنا الذي نظر الأعمـى إلى أدبي ... وأسمعت كلماتي من به صَمَم
    أنام مِلْءَ جفوني عن شـواردها ... ويسهر القومُ جرَّاها ويَخْتَصِم

    ويلاحظ أن فخر المتنبي بارز في أغلب قصائده، فتجده أثناء المديح يرفع نفسه
    إلى مستوى الممدوح إن لم يتقدم عليه، وكذلك في الرثاء كما في رثائه لجدته إذ يقول:

    ولو لم تكوني بنت أكرم والد ... لكان أباك الضخمََ كونك لي أما

    المديح:
    أغلب شعر المتنبي في المديح، فقد عاش متنقلا بين أمراء الدولة الإسلامية يمدحهم
    وينال من عطائهم لكنه لم يكن ليذل نفسه بل كان يرى أنه من الملوك وإن كان لسانه
    من الشعراء.

    وفُؤادي مــن الملوك وإنْ ... كان لساني يرى من الشعراء

    هو يكثر في المديح من الحديث عن شجاعة الممدوح وكرمه وأصالته.
    وأعظم مدائحه ما قاله في سيف الدولة الحمداني، ولا غرابة في ذلك.
    فقد كان الحمداني بطلاً شجاعًاَ كريماً أصيلاً، فأعجب المتنبي به ورأى
    فيه صورة نفسه، فكان مديحه له نابعاً من الأعماق متصفا بالصدق والإخلاص.
    قال يمدح سيف الدولة ويهنئه بالعيد:

    لكل امرئ من دهـــره ما تعــودا ... وعادات سيف الدولة الطَّعْـن في العدا
    هو البحر غُصْ فيه إذا كـــان راكدا... علـى الدُّرِّ و احذره إذا كـان مُزْبَدا
    وصُولٌ إلى المســتصعبات بِـــخَيْلِه ... فلو كان قَرْنُ الشـمس ماءً لأَوْرَدَا
    لذلك سَمَّى ابن الدُّمُسـْتثقِ يــومـه ... مَمَاتًا وســــماه الدُمُسْتُقُ مَوْلِدا
    سريْتُ إلى جَيْحَان مــن أرض آمـد ... ثلاثا لـقد أدْنــاك رَكْضٌ وأبْعَدا
    فَوَلَّى وأعطاك ابنـــه وجيـوشَه ... جميعا ولم يـعـط الجمــيع ليُحْمَدا
    عَرَضْتَ له دون الحيــاة وطَـــرْفِه ... وأبْصَر سَــيْفَ الله منــك مُجَرَّدا
    وما طلبتْ زُرْقُ الأســــنة غَيْرَه ... ولكنَّ قســطنــطين كان له الفِدَا
    فأصبح يَجْتَابُ المُسُـــوحَ مخافـة ... وقد كان يجتـاب الدِّلاَصَ المُسَــرَّدَا
    ويمشى به العُكّــازُ في الدَّيْر تائبا ... وما كـان يَرْضَـى مَشْيَ أَشْقَرَ أجرَدَا
    وما تاب حتى غــادر الكَرُّ وَجْهَــهُ ... جَرِيْحاً وخَلَى جَفْنَهُ النقْعُ أَرْمَـــدَا
    هنيئاً لك العيد الــذي أنـت عِيْــدُه... وَعِيْدٌ لمــن سَــمَّى وضحَّى وعَيَّدَا
    رأيتك مَحْضَ الِحلْمِ في مَحْض قُدْرَةٍ ... ولو شِـئْتَ كــان الحِلْمُ منك المُهَنَّدَا
    وما قَتَلَ الأحرار كالعَفْــوِ عنـهُمُ ... ومَنْ لــك بـالحُرِّ الذي يحفظ اليدا
    إذا أنت أكرمت الكريم مَلَــكْتَـــهُ ... وإنْ أنت أكــرمــت اللَئيْمَ تَمَرًدَا
    وَوَضْع الندى في مَوْضِع السيف بالعلا ... مضِرٌّ كوضع السـيف في موضع الندى
    ولكــن تَفُوقُ النـــاسَ رأياً وحِكْمَةً ... كما فُقْتَهُمْ حالاً ونفســـاً ومَحْتِدَا.

    الهجاء
    لقد أخطأ كافور في عدم وفائه بوعده للمتنبي وتوليته حكم صيدا،
    أو أيّ ولاية، وكان بإمكانه أن يتفادى النقمة الكبرى، بل الفضيحة الخالدة
    على مر العصور وكرّ الدهور .
    فالقصيدة لا تشبه هجاء حسان بن ثابت لقريش،
    ولا هجاء جرير للفرزدق أو الأخطل، ولا الكميت لبني أمية،
    ولا هجاء جميع الشعراء لحكامهم أو لخصومهم ، وإنما هي نسيج وَحْدِه؛
    خالدة على مر الزمن، لم تنقص الأيام والسنون حرارتها، لم تطفئ لهبها ولم تخمد سعيرها.
    ولا شكَّ أنّ سر نجاحها وروعتها في المقام الأول : صدق عاطفة صاحبها،
    وشدة ثورته، بل غليان مرجله النفسي إلى درجة الانفجار؛ وحقاً كان ذلك الانفجار
    يقول:

    عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ... بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
    أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ ... فَلَيتَ دونَكَ بيدًا دونَها بيدُ
    لَولا العُلا لَم تَجُب بي ما أَجوبُ بِها ... وَجناءُ حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ
    وَكانَ أَطيَبَ مِن سَيفي مُضاجَعَةً ... أَشباهُ رَونَقِهِ الغيدُ الأَماليدُ


    ما كُنتُ أَحسَبُني أبقى إِلى زَمَنٍ ... يُسيءُ بي فيهِ كَلبٌ وَهوَ مَحمودُ
    وَلا تَوَهَّمتُ أَنَّ الناسَ قَد فُقِدوا ... وَأَنَّ مِثلَ أَبي البَيضاءِ مَوجودُ


    أَولى اللِئامِ كُوَيفيرٌ بِمَعذِرَةٍ ... في كُلِّ لُؤمٍ وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ


    الرثاء:
    الرثاء قليل في شعره، وأشهره ما قاله في رثاء جدته، ومنه قوله:

    لكان أباك الضخم كـونك لي أما
    ولا قابلا إلا لخالقــــه حُكْما
    وما تَبْتَغِي؟ ما أبتغي جَلَّّ أن يُسْمَى!
    بها أنَفٌ أن تَسْكُنَ اللـحمَ والعَظْمَا


    وكذلك قصيدته في رثاء خولة أخت سيف الدولة:

    مَغَانِي الشِّعْب طِيْبَاً في المغاني ... بمنزلة الربيع من الزمــان
    ولكنً الفتَى العَرَبيَّ فيــها ... غَريْبُ الوجه واليد واللسان
    مَلاَعِبُ جِنَّةٍ لو سارَ فيــها ... سليمان لســـار بترجمان

    الحكمـة:
    شعر المتنبي منبع من منابع الحكمة، وقد استمد حكمه من تجاربه في الحياة وكذلك من ثقافته العميقة.
    وقد قال الشعر في أغراض أخرى كالغزل والهجاء.

    نماذج من شعره

    - قال يصف الحمى التي أصابته بمصر:
    وزائرتي كأنَّ بــها حَيَاءً ... فليـس تَزُورُ إلاَّ في الظــلام
    بَذَلْتُ لها المطارِفَ والحَشَايا ... فعافَتْهَا وبــاتـت في عِظَامي
    يَضِيق الجلْدُ عن نَفَسـي وعنها ... فَتُوسِعُهُ بأنـواع السَّـــقَام
    إذا ما فارقَتْنِي غَسَّــــلتْنِي ... كأنا عَاكِفَـانِ علــى حرام
    كأن الصُبْـحَ يَطْرُدُهَا فَتَجْري ... مَدَامِعُهَا بأربعة سـِـجَام
    أراقبُ وَقْتَهَا مــن غَيْرِ شَوْقٍ ... مُراقَبَة المَشُـوق المُسْـــتَهَام
    وَيَصْدُقُ وعدهـا والصدق شر ... إذا ألقاكَ في الكرَب العظــامَ
    أَبِنْتَ الدهر عنـدي كلُّ بنتٍ ... فكيف وَصَلْتِ أنت من الزِّحام؟
    جَرَحْتِ مُجَرَّحَاً لم يَبْقَ فيه ... مَكان للسيوف ولا الســهام
    * * * * * * *
    يقول لِيَ الطبيبُ أكلتَ شيئاً ... وداؤكَ في شَـرَابِك والطعام
    وما في طِبِّــــهِ أني جوَادٌ ... أَضَرَّ بجســنه طُولُ الجِمَام
    تَعَوَّد أن يُغَبِّرَ في الســـرايا ... وَيَدْخُلَ مــن قَتَام في قتام
    * * * * * * *
    فإن أُمْرَضْ فما مَرِضَ اصطِبَاري ... وإن أُحْمَمْ فما حُمَّ اعتــزامي
    وإن أَسْلَمْ فما أبقى ولكــن ... سَمِمْتُ من الحِمَام إلى الحِمَـام
    - من حكم المتنبي:
    تُرِيديَن لُقْيانَ المعالي رَخِيْــصَةً ... ولا بُدَّ دون الشهْدِ من إبَرِ النحْلِ
    * * * * * * *
    وإذا كانت النفـــوسُ كِباراً ... تَعِبَتْ في مُرادهـــا الأجْسَامُ
    * * * * * * *
    ما كلُ ما يتمنَّى المـرءُ يُدْرِكُهُ ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
    * * * * * * *
    ومن يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مــريض ... يجد مـــراً بــه الماءَ الزلالا
    * * * * * * *
    ومن يُهُنْ يســهل الهَوانُ عليه ... ما لِجُرْحٍ بِمَيِّـــتٍ إيــلامُ
    * * * * * * *
    ذو العقل يَشْقَى في النعيم بِعَقْلِهِ ... وأخو الجهالة في الشــقاوة يَنْعَمُ
    * * * * * * *
    إذا أنت أكرمـــت الكريم مَلَكْتَهُ ... وإن أنت أكرمـــت اللئيم تَمَرَّدا
    ووضع الندى في موضع السيف بالعلا ... مُضِرٌّ كوضع السيف في موضع الندى ..

    يقول ابن رشيق صاحب كتاب (العمدة) بعد أن استعرض حال الشعر والشعراء قبل المتنبي:

    (ثم جاء المتنبي فملأ الدنيا وشغل الناس).
    التعديل الأخير تم بواسطة وجدان ; 20 -03- 2009 الساعة 04:43 AM

    لم يتبقَّ ما أخسره بعدك يا أمي،
    رحيلك هو كل خسائري !!


ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •