فصل السكينة عند القيام بوظائف العبودية
ومنها السكينة عند القيام بوظائف العبودية وهي التي تورث الخضوع والخشوع وغض الطرف وتجميع القلب على الله تعالى بحيث يؤدي عبوديته بقلبه وبدنه والخشوع نتيجة هذه السكينة وثمرتها - وخشوع الجوارح نتيجة خشوع القلب
فإن قلت قد ذكرت أقسامها ونتيجتها وثمرتها وعلامتها فما أسبابها الجالبة لها
قلت" الأسباب المؤدية إلى السكينة
******
قلت سببها استيلاء مراقبة العبد لربه جل جلاله حتى كأنه يراه وكلما اشتدت هذه المراقبة أوجبت له من الحياء والسكينة والمحبة والخضوع والخشوع والخوف والرجاء ما لا يحصل بدونها فالمراقبة أساس الأعمال القلبية كلها وعمودها الذي قيامها به ولقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم - أصول أعمال القلب وفروعها كلها في كلمة واحدة وفي قوله في الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فتأمل كل مقام من مقامات الدين وكل عمل من أعمال القلوب كيف تجد هذا أصله ومنبعه
والمقصود أن العبد محتاج إلى السكينة عند الوساوس المعترضة في أصل الإيمان ليثبت قلبه ولا يزيغ- وعند الوساوس والخطرات القادحة في أعمال الإيمان لئلا تقوى وتصير هموما وغموما وإرادات ينقص بها إيمانه وعند أسباب المخاوف على اختلافها ليثبت قلبه ويسكن جأشه وعند اسباب الفرح لئلا يطمح به مركبه فيجاوز الحد الذي لا يعبر فينقلب ترحا وحزنا وكم ممن أنعم الله عليه بما يفرحه فجمح به مركب الفرح وتجاوز الحد فانقلب ترحا عاجلا

إعلام الموقعين - (ج 4 / ص 203)