5ـ تفطير الصائم



عن زيد بن خالد الجهني قال : قال صلى الله عليه وسلم :

" مَن فطَّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا " .

رواه الترمذي ( 807 ) وابن ماجه ( 1746 ) وصححه ابن حبان ( 8 / 216 ) والألباني في " صحيح الجامع " ( 6415 ) .

قال شيخ الإسلام :

والمراد بتفطيره أن يشبعه .

ا.هـ الاختيارات ص 194 .


وقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويرونه من أفضل العبادات .

وقد قال بعض السلف :

لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل .

وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم ، منهم عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - وداود الطائي ومالك بن دينار ، وأحمد بن حنبل ، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين .

وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم ويجلس يخدمهم ، منهم الحسن وابن المبارك .

قال أبو السوار العدوي :

كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده ،إن وجد من يأكل معه

أكل و إلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه .


وعبادة إطعام الطعام ، ينشأ عنها عبادات كثيرة منها :


التودد والتحبب إلى المُطعَمين فيكون ذلك سبباً في دخول الجنة :

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :

" لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا "

رواه مسلم ( 54 )

كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك .


وثواب تفطير الصائم كبير كما سبق وقلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا )

وهذا الثواب يحصل لكل من فطر صائما ، ولا يشترط أن يكون الصائم فقيرا ، لأن هذا ليس من باب الصدقة وإنما هو من باب الهدية ، ولا يشترط في الهدية أن يكون المهدَى إليه فقيراً ، بل تصح الهدية للغني والفقير .

وأما الدعوات التي يكون القصد منها المباهاة والمفاخرة فإنها مذمومة ، وليس لصاحبها ثواب على هذا العمل ، وقد حرم نفسه خيراً كثيراً .

وأما من دُعِي إلى مثل هذه الدعوات فإنه لا ينبغي له أن يحضرها ، ولا أن يشارك فيها ، بل عليه الاعتذار عن الحضور ، ثم إن تمكن من نصيحة صاحبها بأسلوب حسن أقرب إلى قبوله كان ذلك جيداً ، وليتجنب الكلام المباشر ، بأن يتلطف في العبارة ويأتي بكلام عامٍ ليس موجهاً إلى شخص بعينه .

فإن الرفق في العبارة وحسن الأسلوب والبعد عن الكلمات القاسية والغليظة من أسباب قبول النصيحة ، والمسلم حريص على أن يقبل أخوه المسلم الحق ويعمل به .

كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك ، فقد كان يفعل بعض أصحابه ما يُنكره النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه لا يواجههم بالإنكار بل كان يقول :

(ما بال أقوام يفعلون كذا ؟)

وهذا الأسلوب تحصل به المصلحة المطلوبة .
والله تعالى أعلم .