أكاديميون ومختصون اجتماعيون من العواقب الخطيرة لظاهرة الزواج السياحي الصيفي الذي بدأ بالانتشار في مناطق عديدة باليمن ورأى فيه البعض عملية غير أخلاقية حتى وإن تدثر بغطاء شرعي كونه يخلف مشاكل خطيرة في أوساط المجتمع على المدى المتوسط.



وطالب عدد من رجال القضاء والقانون والمتخصصين الاجتماعيين والقطاع النسوي بوضع قانون يعاقب من يقوم بتسهيل هذا الزواج الذي ظهر نتيجة إقدام بعض السياح من دول الخليج على الزواج من فتيات يمنيات لفترة وجيزة ولديهم النية المسبقة في الطلاق عقب مغادرتهم البلاد.



أسباب الزواج
"
الزواج السياحي ليس أكثر من بيع وشراء للفتيات حتى مع الاعتقاد بأنه شرعي ومكتمل الشروط والأركان
"
وفي هذا الصدد عقدت جامعة إب مؤخرا ندوة علمية تطرقت فيها عبر 17 ورقة عمل إلى الأسباب والمشكلات والمعالجات لهذه الظاهرة، وتوصلت دراسة أعدها الدكتور فؤاد حمود الشبامي إلى أن نسبة عالية من الفتيات المتزوجات هن في الفئة العمرية 20-24 تليها الفئة العمرية 15-19.



وأشارت الدراسة إلى أن غالبية فتيات الزواج السياحي من ذوات التعليم الثانوي بنسبة 30% تلتها ذوات الشهادة الابتدائية بنسبة 22.5% وحلت في المرتبة الثالثة ذوات الشهادة الإعدادية بنسبة 17.5% فيما جاءت الجامعيات في المرتبة الرابعة بنسبة 12.5% وحلت خامسا بنسبة 7.5% من يجدن القراءة، وأخيرا تساوت نسبة الفتيات اللواتي يحملن شهادات الدبلوم مع مثيلاتهن الأميات بنسبة 5%.



وقالت الدراسة إن الأزواج السياح ينتمون لفئتين أولاهما فئة المتقدمين في العمر والفارين من جحيم الزوجات الخليجيات اللواتي قد يمارسن نوعا من السيطرة على أزواجهن ضعيفي الشخصية وكثيري الانشغال بالأعمال المالية.



كما أن ظروف اقترانهم بهذه الزوجات غالبا ما تحكمها العادات القبلية البعيدة عن الاحترام المفترض للمشاعر العاطفية، فأراد هؤلاء التخلص من هذا الجو المشحون والتعويض عن كبر سن زوجاتهم ومشكلات الزواج الثاني لهم في بلدانهم.



أما الفئة الثانية فتضم أولئك الشباب الخليجيين الذين شكلت نشاطاتهم الجسدية والذهنية عدة عوامل في مقدمتها الضغط الأسري وأحيانا التفكك الأسري والوفرة المادية وتدني المستوى الفكري والثقافي الذي شكلته وسائل الإعلام في بلدانهم ووسائط التقنية التي سخرت لغير الأغراض الإنسانية.



وقال الدكتور الشامي في دراسته إن "هؤلاء جميعا يرون في الفتيات اليمنيات الفرائس السهلة وإن كان مقصدهم جميعا النيل من الشابات فإنهم قد اختلفوا في الطريقة فكان 38% منهم يفضلون الشابات العاملات في سن العشرينيات كونهن كاملات النضوج الجنسي وفي غمرة تفكيرهن بفرسان أحلامهن، فضلا عن حاجتهن الاقتصادية".



فيما أولئك الذين شكلوا أزواجا بنسبة 35% فقد كانوا مفتونين بالصغيرات اللواتي يسهل عليهم تطويعهن وإغرائهن فضلا عن ما يعتري فترة مراهقتهن من شبق جنسي، لذلك فإن هؤلاء الأزواج يشعرون بالانتصار وتحقيق فحولتهم التي حرموا من تحقيقها في بلدانهم.





بغاء مقنع
"
تكمن خطورة الزواج الصيفي في بروز مشكلات كأمهات مع أطفالهن بلا آباء والذين سيعيشون مشكلات متعلقة بالجنسية وربما لها علاقة بعدم وجود مصدر دخل مالي
"
من جانبها قالت رئيسة مؤسسة برامج التنمية النسائية والثقافية الدكتورة رؤوفة حسن إن هذه الظاهرة سبق حدوثها في باكستان ومصر والمغرب ونتجت عن حالات انتقالية في المجتمعات حيث يطمح الناس للبحث عن أي مصدر للترف والخروج من دائرة الفقر.



واعتبرت في حديثها للجزيرة نت أن الزواج الصيفي أو السياحي ليس أكثر من بيع وشراء للفتيات حتى وهم يعتقدون أن الزواج شرعي ومكتمل الشروط والأركان من مهر وقبول وشهود ومأذون، ويتم ذلك دون أي تأنيب ضمير من الآباء أو شعور بالعار والخجل لأن ثمة شعورا لديهم أنهم لا يرتكبون خطأ.



وأشارت إلى أن اليمن يعيش انفجارا سكانيا وظروفا معيشية صعبة في كثير من المناطق خاصة الريف، ويعتقد البعض أن هذا الزواج هو الوسيلة الوحيدة للخروج من دائرة الفقر والحصول على المال.



ورأت الدكتورة رؤوفة في هذا النوع من الزواج "شكلا مقنعا من أشكال البغاء" وقالت إن "هؤلاء الفتيات لا يتم التعامل معهن بشكل إنساني وكريم وبحرص على مستقبلهن وحياتهن القادمة من قبل آبائهن أو أولياء أمورهن، بل ينظر إليهن بأنهن مصدرا للكسب المالي ويتم بيعهن، وعندما يختفي هذا الزوج، قد تتحول الفتاة إلى البغاء فيما بعضهن سيتجهن للمحاكم للحصول على الطلاق ومن ثم لزواج سياحي آخر".



وشددت على أن المشكلة بدايتها خطرة والاستمرار فيها أكثر خطورة، وتوقعت في العشر السنوات القادمة بروز ظواهر ومشكلات ناتجة عن هذا الزواج كأمهات مع أطفالهن بلا أزواج، حيث سيواجه هؤلاء الأطفال مشكلات متعلقة بالجنسية وربما لها علاقة بعدم وجود مصدر دخل مالي وبالتالي مزيد من الضياع.



وأكدت أن الأصل في هذه الظاهرة هو الفقر، وطالبت الأجهزة الحكومة بتبني مشاريع كبيرة للتخفيف من البطالة وتوفير فرص عمل واسعة للناس وللحياة الكريمة، وقللت من أهمية التوعية بمخاطر هذا الزواج كون التوعية لن تعطي للناس وجبة غداء لكن الزواج سيعطيهم قليلا من المال لفترة قصيرة.



المصدر: الجزيرة