حسب القوافي و حسبي حين ألقيها ** أني إلى ساحة الفاروق أهديهـا
لاهم هب لي بيانا أستعين به ** علـى قضـاء حقـوق نـام قاضيهـا
قد نازعتني نفسي أن أوفيها ** و ليس فـي طـوق مثلـي أن يوفيهـا
فمر سري المعاني أن يواتيني ** فيها فإني ضعيـف الحـال واهيهـا


إســـــــــــــــلام عـمــــــــر

رأيـت فـي الديـن آراء موفقـة ** فأنـزل الله قـرآنـا يزكيـهـا

وكنت أول من قرت بصحبته ** عيـن الحنيفـة و اجتـازت أمانيهـا

قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها ** بنعمة الله حصنـا مـن أعاديهـا

خرجت تبغـي أذاهـا فـي محمدهـا ** و للحنيفـة جبـار يواليهـا

فلم تكد تسمع الايات بالغـة ** حتـى انكفـأت تنـاوي مـن يناويهـا
سمعت سورة طه من مرتلهـا ** فزلزلـت نيـة قـد كنـت تنويهـا

وقلت فيها مقالا لا يطاوله ** قول المحب الـذي قـد بـات يطريهـا
ويوم أسلمت عز الحق و ارتفعت ** عن كاهل الديـن أثقـالا يعانيهـا

وصاح فيها بلال صيحة خشعت ** لها القلوب ولبـت أمـر باريهـا

فأنت في زمن المختار منجدها ** و أنت في زمن الصديـق منجيهـا

كم استراك رسول الله مغتبطا ** بحكمـة لـك عنـد الـرأي يلفيهـا


عـمــــر و رســـــــــول كــــســـــرى

وراع صاحب كسرى أن رأى عمرا** بين الرعية عطلا *و هو راعيها

وعهده بملوك الفرس أن لها ** سورا من الجند و الأحـراس يحميهـا

رآه مستغرقا في نومه فرأى ** فيـه الجلالـة فـي أسمـى معانيهـا

فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا ** ببردة كاد طول العهـد يبليهـا

فهان في عينه مـا كـان يكبـره ** مـن الأكاسـر والدنيـا بأيديهـا

وقال قولة حق أصبحت مثلا ** و أصبح الجيل بعـد الجيـل يرويهـا

أمنت لما أقمت العدل بينهـم ** فنمـت نـوم قريـر العيـن هانيهـا


مــــثـــــال مــــــــــن رحـــمـــتــــه

و من رآه أمام القدر منبطحا ** و النار تأخـذ منـه و هـو يذكيهـا

و قد تخلل في أثناء لحيته ** منها الدخان و فـوه غـاب فـي فيهـا
رأى هناك أمير المؤمنين علـى ** حـال تـروع لعمـر الله رائيهـا

يستقبل النار خوف النار في غده ** و العين من خشية سالـت مآقيهـا


مـــثـــال مــــــن تـقـشــفــه و ورعـــــــه

إن جاع في شدة قومٌ شركتهم ** في الجوع أو تنجلي عنهم غواشيهـا

جوع الخليفة و الدنيا بقبضته ** في الزهـد منزلـة سبحـان موليهـا

فمن يباري أبا حفص و سيرته ** أو مـن يحـاول للفـاروق تشبيهـا

يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها ** من أين لي ثمن الحلوى فأشريها

لا تمتطي شهوات النفس جامحة ** فكسرة الخبز عن حلواك تجزيهـا

و هل يفي بيت مال المسلمين بما ** توحي إليك إذا طاوعت موحيهـا

قالت لك الله إني لست أرزؤه ** مـالا لحاجـة نفـس كنـت أبغيهـا

لكن أجنب شيأ من وظيفتنا ** فـي كـل يـوم علـى حـال أسويهـا

حتـى إذا مـا ملكنـا مـا يكافئهـا ** شريتهـا ثـم إنـي لا أثنيهـا

قال اذهبي و اعلمي إن كنت جاهلة ** أن القناعة تغني نفس كاسيهـا

و أقبلت بعد خمس و هي حاملة ** دريهمات لتقضـي مـن تشهيهـا

فقال نبهت مني غافلا فدعي ** هذي الدراهـم إذ لا حـق لـي فيهـا
ويلي على عمر يرضى بموفية ** على الكفـاف و ينهـى مستزيدهـا

ما زاد عن قوتنا فالمسلمين به ** أولى فقومي لبيـت المـال رديهـا

كذاك أخلاقه كانت و ما عهـدت ** بعـد النبـوة أخـلاق تحاكيهـا



مـقــتــــــل عـمــــــــر

مولى المغيرة لا جادتك غادية ** من رحمة الله ما جـادت غواديهـا

مزقت منه أديما حشوه همـم ** فـي ذمـة الله عاليهـا و ماضيهـا


طعنت خاصرة الفاروق منتقما ** من الحنيفـة فـي أعلـى مجاليهـا

فأصبحت دولة الإسلام حائرة ** تشكو الوجيعـة لمـا مـات آسيهـا

مضى و خلّفها كالطود راسخة ** و زان بالعدل و التقـوى مغانيهـا

تنبو المعاول عنها و هي قائمة ** و الهادمـون كثيـر فـي نواحيهـا

حتى إذا ما تولاها مهدمهـا ** صـاح الـزوال بهـا فانـدك عاليهـا

واها على دولة بالأمس قد ملأت ** جوانب الشرق رغدا في أياديهـا

كم ظللتها و حاطتها بأجنحة ** عن أعين الدهر قـد كانـت تواريهـا

من العناية قد ريشت قوادمها ** و من صميم التقى ريشـت خوافيهـا

و الله ما غالها قدما و كـاد لهـا ** و اجتـث دوحتهـا إلا مواليهـا

لو أنها في صميم العرب ما بقيت ** لما نعاها علـى الأيـام ناعيهـا

ياليتهم سمعوا ما قاله عمر ** و الـروح قـد بلغـت منـه تراقيهـا

لا تكثروا من مواليكم فإن لهم ** مطامـع بَسَمَـاتُ الضعـف تخفيهـا



الـخــــــــاتــمـــــــــه

هذي مناقبـه فـي عهـد دولتـه ** للشاهديـن و للأعقـاب أحكيهـا

في كل واحدة منهـن نابلـة ** مـن الطبائـع تغـذو نفـس واعيهـا

لعل في أمة الإسـلام نابتتـة ** تجلـو لحاضرهـا مـرآة ماضيهـا

حتى ترى بعض ما شادت أوائلها ** من الصروح و ما عانـاه بانيهـا

وحسبها أن ترى ما كان من عمر ** حتى ينبـه منهـا عيـن غافيهـا

حــــــــافــــــــظ ابـــراهــــــــــــــيم



مما راق لي