التدرج في العملية التعليمية منهج قرآني ...
ينبغي أن يستفيد من في العملية التعليمية من منهج القرآن الكريم في تربية هذه الأمة , وتهذيب أخلاقها . وتصحيح معتقداتها .
أنزل القرآن فارتقى بالأمة في سامي الأخلاق حتى أصبحوا في أعلى الدرجات , بل صاروا خير أمة أخرجت للناس
بعدما كانوا ما كانوا .
وسلك القرآن في ذلك منهجا فريداً ومسلكاً حميداً فبدأ بتصحيح العقيدة وغرس المبادئ الصحيحة , ثم التدرج في أحكام العبادات حتى تمامها وكمالها .
وفي التربية والتعليم ينبغي الاستفادة من هذا المنهج الحكيم فمن المعلوم أن العملية التربوية تقوم على أمرين أساسيين :
الأول : معرفة المستوى الذهني للطلاب :
فلابد قبل التعليم معرفة المستوى الذهني لديهم حيث يكون نقطة الانطلاقة بهم , وإعطائهم ما يتناسب مع قدراتهم الذهنية وطاقاتهم الفكرية .
فإنهم إن أعطوا أقل من مستواهم الذهني مــــــلوه وهجروه , وإن أعطوا فوق مستوى إدراكهم وفهمهم عجزوا عنه وتنافروا منه ,
الثاني : تنمية قدراتهم :
أ- الذهنية .
ب- النفسية .
ت- الجسمية .
فإذا عرف مستواهم الذهني وما يناسبهم من المادة العلمية , بدأ في التدرج في تلقينهم وتعليمهم ما يراد تعليمه مراعيا النواحي الذهنية والجسمية والنفسية .
فالمنهج الدراسي الذي يوضع من غير معرفة للمستوى الذهني للطلاب ثم تنمية مداركهم العامة ببناء الجزئيات على الكليات , والتفصيل بعد الإجمال ,منهج فــــــاشل .
والكتاب المدرسي الذي لا يبنى على معرفة دقيقة لمستوى الطلاب الذهني وما لهم من مادة علمية , وما يحتاجون إليه بعدها , وتتدرج فيه المعلومات من السهل على الصعب مع وضوح الأسلوب وبساطة العبارة بعيدة عن التعقيد والغموض في الألفاظ كتاب لا يرجى نفعه .
والمدرس هو العمود الأساس في العملية التعليمية إذا لم يدرك هذين الأمرين الأساسيين في العملية التعليمية إدراكاً تاما , فيعرف مستوى طلابه الذهني ويضع ما يمدهم به من معلومات على قواعد وأسس المعلومات السابقة فإن بناءه سينهار .
فعلى المعلم أن يدرك تماما ً المستوى الذهني لطلابه , ويمدهم بما يلائم قدراتهم الذهنية . ويخطئ من يعتقد ان مهمته التلقين أو حشو أذهانهم بالمادة العلمية فحسب , بل عليه أن يراعي مع الناحية العلمية أيضا الناحيتين الجسمية والنفسية
فلا يستمر في شرح الدرس مثلا والطلاب في حالة رعب أو فزع لأمر ما أو حين يرى أحد طلابه في حالة نفسية تستدعي تدخله وعلاجه .
المعلم الناجح يوازن بين الترغيب والترهيب فلا يقسو قسوة تنفر منه الطلاب , ولا يضعف حتى يصبح ألعوبة بين طلابه فتسقط هيبته ويذهب احترامه .
المعلم الناجح الذي يعرف كيف يعطي طلابه القدر المناسب من الواجبات المدرسية فلا يثقل كاهلهم بأدائها , ولا يشغل بقية نهارهم وليلهم في الحفظ أو الكتابة فهم بحاجة إلى الراحة .
المعلم الناجح هو الذي يستطيع المزج بين نظرة الأب لأبنائه ونظرة المعلم لطلابه , فيتفقد شؤونهم , ويلاطفهم ويعالج مشاكلهم فيشعرهم بعطفه , ويظهر لهم محبته , ويريهم حرصه على مصلحتهم .
ولنا في منهج القرآن الكريم في تربية الأمة والتدرج بها بلطف ورحمة وحكمة , أسوة حسنة
د \ فهد الرومي
دراسات في علوم القرآن