الخاصة :: مقالات :: المقالةنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيسعد بن سعيد الرفاعيمن ضلالات التديّنالثلاثاء 27 يوليو 2010 - 15 شعبان 1431
يعد المجتمع السعودي متديناً بطبيعته ..و لهذا فإن من يريد التأثير فيه ؛ فإن أسهل الطرق و أقوى الوسائل سيكون من خلال الخطاب الديني ورفع شعارات التدين ، وهو الأمر الذي يحسب لصالح المجتمع لا عليه ؛لأنه إنما يوقر هذا الدين عندما يوقر المنادين به و الداعين له أيا كانت غاياتهم و مآربهم ..

يبد أن هذا المجتمع ـ و بدافع ديني أيضاً ـ أصبح الآن مطالباً بالإسهام في وضع حد لممارسات سلبية ظاهرها الدين و التدين و باطنها تكريس لثقافة ازدواجية تفصل بين العقل و القول ، الخطاب و السلوك ، فما الذي يجعل هذا المجتمع يحتفل بخطيب أو داعية يقوم متحدثا عن إخلاص العمل لله و البعد عن الرياء ..

وهذا الخطيب نفسه يعاني المصلون في مسجده الأمرين من غيابه المتكرر عنه بصفة مستمرة، و ما الذي يلزم المجتمع بالاحتفاء بمدع للإصلاح ورافع لراية الدعوة وهو من المقصرين في عمله ووظيفته الأساسية فتجده تارة متغيباً و أخرى متأخرا و ثالثة مستأذناً ، فهل تناسى مثل هؤلاء الدعاة أن الدعوة قدوة قبل أن تكون كلمة و أن الإمامة أسوة حسنة يتأسى بها الناس عملاً و سلوكاً قبل أن تكون قولاً وتفيهقاً .قد يقول قائل: إن علماء الدين يرون وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر حتى ممن يقع فيه ..

ونحن نقول لهم إنما كان ذلك لحث الداعية أو الآمر بالمعروف و الناهي عن المنكر إلى الارتقاء بالسلوك نحو القدوة عندما يعيش لحظة تأزم بين وجوب نهيه عن منكر هو يقع فيه، وبين سلوك ينبغي أن يكون عليه، و ذلك تأسياً بالنبي صلى الله عليه و سلم الذي كان قدوة قبل كل شي . فما بالهم وجدوا من قبل ذلك حجة ووسيلة ليعيشوا هذا الازدواج حتى بدا و كأنه تأسيس لثقافة تدينية (وليست دينية)جديدة لا ترى مانعاً في أن نقول ما نشاء و لكننا بعد ذلك نتنصل و نفعل ما نشاء؟؟ !!

إن الدين رباني والتدين سلوك بشري يتشكل بحسب أناسه ومن الظلم أن نسفه في الدين بسبب ممارسات تدينية تنتج عن انحراف في التطبيق لا القيم المستمدة من الدين!!

وإن مما يؤسف له إن في أوساطنا من يكون ظاهره التدين.. وخطابه في مجمله خطاب متدين ولكنه يسقط بمجرد التعامل معه في الحقوق .. و الحقوق المالية على وجه الخصوص . و إن مما يؤسف له إن أوساط المتدينين من أكثر المجتمعات تأثراً بالأقوال و اندفاعا في الأحكام و انقياداً للشائعات ،

وإطلاقا للأحكام سماعا ـ فهذا علماني وهذا ليبرالي وثالث قومي ....ورابع وتاسع.. ولهذا فلا يستغرب سرعة القدح فيمن يتناول جانبا سلبيا في الممارسات وإن كان مراده الخير والصلاح ـ وذلك لايشمل المتدين الحقيقي بالطبع الذي تسوءه مثل هذه التصرفات لما ينتج عنها من تعميم ظالم ـ .رغم أن الدين يأمرنا بالتثبت و التبين والتحقق مما يعني إعمال العقل لا إهماله و نكون بذلك قد حققنا جوهر التشريع الحكيم .. هذا التشريع الذي يحتم علينا ألا نقف مكتوفي اليدين مرحبين بمثل هذه النوعية من مدعي الدعوة المزدوجين .لأنهم إما إنهم يمارسون هذا السلوك عن عدم تدين حقيقي وهذا يحتم التصدي له لما فيه من إساءة للدعاة والأئمة والصالحين ،وإما إنهم يمارسون هذا السلوك عن جهل أو تهاون بأهمية الدور القيادي الذي ينهضون به ..

الأمر الذي يحتم تبصيرهم وتوعيتهم..ترى ماالذي يمنع من الانصراف عن المكان الذي يقوم فيه داعية لا يقدر أمانة دوره ، ولا يرتقى إلى السلوك المأمول منه كرفض لممارسة خطاب مزدوج و لتوجيه أنظاره إلى الوفاء بواجباته و التزاماته الأساسية قبل أن يكون مبادراً ومتطوعاً قي عمل ليس من أولويات عمله المناط به ؟!!
وما الذي يمنعنا من التقدم بشكوى للجهات المعنية بالأئمة الذين يتكرر تغيبهم عن مساجدهم و يعطلون بذلك دور المسجد الحيوي في محيطه ؟؟!!

وفقط أتساءل لو أن أحد مرتادي المسجد أراد أن ينصرف ـأو يشعر إخوانه المصلين ـ محتجاً على خطيب أو إمام ما ثبتت مماطلته في الحقوق ، و تغيببه عن مسجده ، و استغلال موقعه في جمع الأموال و اقتراضها أو المتاجرة بأموال الناس في
الأسهم ..أو..أو..فلو أراد هذا المحتج التعبير عن رفضه لهذه السلوكيات فهل سيدعمه هذا المجتمع المتدين ويتضامن معه ؟!! أم إنه سيأخذ على يده و يمنعه بأعذار ستدور حول حرمة المسجد و هيبته وجلاله ،وهي الهيبة التي – بكل أسف – لم تلامس دواخل إمام هذا المسجد ؟!

ولم نجد لها أثراً في سلوكه و أفعاله. فأين يكمن الخلل: هل هو في هذا المجتمع الطيب المتدين؟! أم في سلوكيات هذه النوعية من الأئمة ؟! أم في الأنظمة التي تحكم تعيين الأئمة ؟! أم هي في سيادة قيم تدفع للتواطؤ و السكوت إزاء الأخطاء حتى لا يصل بنا تشريح جانب إلى تشريح جوانب مجتمعية أكثر إيلاماً ؟؟!!
نبضة صدق :

طالما لرجال الدعوة و المتدينين هالة عظيمة من وقار.. فلم الاستغراب أن تحاط أخطاؤهم بهالة كبيرة من استنكار ؟؟!!
*مصدرالاخبارية