صغيرة قد تصل مابينَ كبيرين ...الكاتب /لهب
هي مجرد همزة ليس إلا - لا نلفظها حتى - ومع ذلك فهي تَلاصِقُ مابين كلمتين حتى يخيل إلى أعجميٍ أنهما كلمة واحدة .
تذكرني هذه الهمزة الرائعة بالفراغات اللامبررة شرعاً أو منطقاً ( واللامبررة فقط ) التي تفصل مابين كلمتي وكلمتكَ ..مابين رأيي ورأيك .. قولي وقولك ...
لأسباب قد يكون منها الكِبَر و الغرور أو التعصب للشيء أو ربما واحدٌ من تلك الأمراض النفسية المكتسبة التي تدفع صاحبها أحياناً ليستميت في إخراج نفسه من قفص الإتهام المزعج ..أو ليبعد من أمام وجهه إصبع ( أنتَ مخطئ ) القاتلة ...
هذه أو تلك أو ذاك ، كلها أسباب تشكل فراغات سحيقة تفصل مابيني وبينك متجاهلةً كل أسباب الوفاق الأخرى ومتناسيةً كل مواضع التلاقي ذات الأهمية الأكبر ، لتتضخم المشكلة آخر الأمر فتؤدي لاستشراء مرضٍ عضال في جسد الأسرة أو الصداقة أو المجتمع ربما
لعل هذا واحدٌ من أمراض التواصل مابين البشر
في الحقيقة نحن بأمس الحاجة إلى همزة الوصل في تواصلنا وفي علاقاتنا الاجتماعية ضمن نطاق الأسرة أو العائلة أو العمل إلخ
همزة الوصل أن نحاول فهم الطرف الآخر ووجهة نظره وشعوره ودوافعه وبذلك سنصل معه إلى نقطة وفاق أو سنلتمس له العذر إن كان مخطئاً
(إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره فالتمس له عذراً واحداً إلى سبعين عذراً، فإن أصبته، وإلا، قل لعل له عذراً لا أعرفه.)وهذا قولٌ لجعفر بن محمد أخرجه الإمام البهيقي في سنده
همزة الوصل أن نتعلم كيف نتجاوز عن صغائر الأمور المزعجة الصادرة عن غيرنا كفعلٍ أو كردة فعل (وفي ساعة وقوع الفعل ) ..... وأن نقابلها بابتسامة وحسب أو بكلمة لا بأس ولو في سرِنا ...
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب )
همزة الوصل أن نكسر كِبرنا فنعتذر إن أخطأنا ... أن نقتل غرورنا فنعترف بذلك الخطأ
أن نسامح ونتسامح مع غيرنا إن أقدم على الاعتذار ...
هذا الأمر سيبعد الضغينة والأحقاد التي تولدت في نفس أحدهم للاشيء مقارنةً مع عظائم الأمور الدينية والدنيوية وفي ذلك كل الفضيلة والتواضع والحكمة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كِبر )
وأخيراً همزة الوصل أن نعطي الأمور حقها ... أن نحجم الأمور
أن ننظر إليها من خارج الصندوق لا من داخله ... ونحاول رؤية المواقف والأفعال من زوايا متعددة محاولين فهم الآخر وبناء جسر تفاهمٍ بيننا وبينه .
...........
بحث في مسألة بديهية من باب التذكير والاستذكار
منقووول لروعته