وقال رحمه الله في "إغاثة اللهفان - (1 / 24)


الباب الخامس في أن حياة القلب وصحته لا تحصل إلا بأن يكون مدركا


للحق مريدا له مؤثرا له على غيره


لما كان في القلب قوتان : قوة العلم والتمييز وقوة الإرادة والحب كان كماله وصلاحه باستعمال هاتين القوتين فيما ينفعه ويعود عليه بصلاحه وسعادته فكماله باستعمال قوة العلم في إدراك الحق ومعرفته والتمييز بينه وبين الباطل وباستعمال قوة الإرادة والمحبة في طلب الحق ومحبته وإيثاره على الباطل فمن لم يعرف الحق فهو ضال ومن عرفه وآثر غيره عليه فهو مغضوب عليه ومن عرفه واتبعه فهو منعم عليه


وقد أمرنا سبحانه وتعالى أن نسأله في صلاتنا أن يهدينا صراط الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ولهذا كان النصاري أخص بالضلال لأنهم أمة جهل واليهود أخص بالغضب لأنهم أمة عناد وهذه الأمة هم المنعم عليهم
ولهذا قال سفيان ابن عيينة


من فسد من عبادنا ففيه شبه من النصاري ومن فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود لأن النصاري عبدوا بغير علم واليهود عرفوا الحق وعدلوا عنه