قال رحمه الله في إغاثة اللهفان - (1 / 81)
باب محاسبة النفس نوعان : نوع قبل العمل ونوع بعده فأما النوع
الأول : فهو أن يقف عند أول همه وإرادته ولا يبادر بالعمل حتى يتبين له
رجحانه على تركه
قال الحسن رحمه الله : رحم الله عبدا وقف عند همه فإن كان لله
مضى وإن كان لغيره تأخر
وشرح هذا بعضهم فقال : إذا تحركت النفس لعمل من الأعمال وهم به العبد وقف أولا ونظر : هل ذلك العمل مقدور له أو غير مقدور ولا مستطاع فإن لم يكن مقدورا لم يقدم عليه وإن كان مقدورا وقف وقفة أخرى ونظر : هل فعله خير له من تركه أو تركه خير له من فعله فإن كان الثاني تركه ولم يقدم عليه وإن كان الأول وقف وقفة ثالثة ونظر : هل الباعث عليه إرادة وجه الله عز و جل وثوابه أو إرادة الجاه والثناء والمال من المخلوق فإن كان الثاني لم يقدم عليه وإن أفضى به إلى مطلوبه لئلا تعتاد النفس الشرك ويخف عليها العمل لغير الله فبقدر ما يخف عليها ذلك يثقل عليها العمل لله تعالى حتى يصير أثقل شيء عليها وإن كان الأول وقف وقفة أخرى ونظر : هل هو معان عليه وله أعوان يساعدونه وينصرونه إذا كان العمل محتاجا إلى ذلك أم لا فإن لم يكن له أعوان أمسك عنه كما أمسك النبي صلى الله عليه وسلم عن الجهاد بمكة حتى صار له شوكة وأنصار
إن وجده معانا عليه فليقدم عليه فإنه منصور ولا يفوت النجاحفهذه أربعة مقامات يحتاج إلى محاسبة نفسه عليها قبل العمل فما كل ما يريد العبد فعله يكون مقدورا له ولا كل ما يكون مقدورا له يكون فعله خيرا له من تركه ولا كل ما يكون فعله خيرا له من تركه يفعله لله ولا كل ما يفعله لله يكون معانا عليه فإذا حاسب نفسه على ذلك تبين له ما يقدم عليه وما يحجم عنه
إلا من فوت خصلة من هذه الخصال وإلا فمع اجتماعها لا يفوته النجاح



رد مع اقتباس