هل تصمد التصريحات؟
حمود أبو طالب*
اليوم تبدأ عجلة التعليم دورانها من جديد بعد عطلة لم تكن هادئة ولا مسالمة لوزارة التربية والتعليم التي كان صيفها ساخنا بكثير من المتاعب.
لا أدري كم هو العدد الصحيح للطلاب والطالبات الذين سيذهبون اليوم إلى مدارسهم، فكما جرت العادة ستقول صحيفة (4) ملايين طالب وطالبة، والثانية ستقول (5) ملايين، بينما الثالثة قد تزيد أو تنقص نصف مليون، لا بأس فمثل هذا الفرق لا يشكل أهمية تستدعي الوزارة لإعلان الرقم الحقيقي.
سوف يبدأ العام الدراسي بعد موجة صاخبة من التصريحات والشنشنة لمديري التعليم في مناطق المملكة، الذين انتشرت بينهم عدوى التصريحات فما إن يصرح واحد حتى يدخل الجميع في جلبة كلامية، لقد استمرت تصريحاتهم إلى يوم أمس تؤكد أنه لن يكون بالإمكان أفضل مما تم تجهيزه هذا العام، ما شاء الله تبارك الله، سوف يتم الاستقبال بالورود والابتسامات والوجوه المشرقة، وسوف تكون الفصول في غاية النظافة والأناقة والراحة، بينما كل المرافق الأخرى من معامل وملاعب ومقاصف وغيرها تضاهي الموجود في أفضل مدارس اليابان أو كوريا، يا حظكم يا أولادنا وبناتنا الذين تذهبون للمدارس لأول مرة.
ليس هذا فحسب بل بإمكاننا اليوم تحقيق حلم كان بعيد المنال، إذ باستطاعتنا أن نتحدث مع أي مدير تعليم من خلال التلفون، ولمدة أسبوعين من الآن، الله الله، ما هذا الكرم وما هذه الأريحية، فبادروا يا أولياء الأمور إلى اغتنام هذه الفرصة (الأوكازيون) فالمدة أسبوعان فقط، وبعدها سيكون الاتصال بمدير التعليم ضربا من المستحيل، والذي يحلم به أكثر من مجنون، إنها أسبوعان محسوبة عليكم حسابا دقيقا، فلو حدثت مشكلة بعد شهرين أو ثلاثة لن يلتفت إليها أحد، لأن أصحاب السعادة المديرين أعطوكم أكثر مما تستحقون من الوقت، فلماذا لم تحدث المشاكل خلال ذلك الوقت.
وتقول الأخبار إن بداية اليوم الدراسي سوف تخصص لتأصيل مفهوم البيعة والمواطنة، وهذا شيء جميل جدا لو تحقق، وأقول لو تحقق لأنني متأكد أن بعض الطلاب الذين سيعودون في نهاية اليوم سوف يحكون لآبائهم قصصا عن معلمين حاولوا التملص من هذه المهمة الوطنية بكل الوسائل، أو حاولوا دس السم بين كلماتهم الخبيثة، أو أنهم جاهروا بكل صلف بما تحتويه عقولهم ونفوسهم المريضة، غير عابئين بأحد، وهنا ستحدث المفارقة لو تم تبليغ إدارة مدرسة بما يمكن أن يحدث، إذ ستأتي فورا شهادات البراءة وسوف تنتصب جسور الحماية وليذهب الوطن إلى الجحيم كما يتمنون.
إننا نتمنى من مديري التعليم أن يتوقفوا عن شهية التصريحات وينتبهوا للمدارس، ونقصد أن ينتبهوا لمعلميهم بنفس قدر الانتباه للطلاب، فكل شيء يمكن تعويضه إلا العقل الغض عندما تختطفه وحوش تندس تحت عباءة التعليم.