***
***
هذه قصة سمعتها من الشيخ/ حسن الشافعي بجامع النورين .. أرويها لكم بتصرف !
***
في القرن الاول الهجري كان هناك شابا تقياً يطلب العلم ومتفرغ له .. ولكنه كان فقيراً ..
وفي يوم من الايام خرج من بيته من شدة الجوع .. ولأنه لم يجد ما يأكله انتهى به الطريق الى أحد البساتين والتي كانت مملؤة باشجار التفاح.
ومن بين الأغصان غصن شجرة متدلياً في الطريق ... فحدثته نفسه أن يأكل هذه التفاحة ويسد بها رمقه ولا أحد يراه ولن ينقص هذا البستنان بسبب تفاحة واحدة ...
فقطف تفاحة واحدة وجلس يأكلها حتى ذهب جوعه ...
ولما رجع إلى بيته بدأت نفسه تلومه ـــ وهذا هو حال المؤمن دائما ـــ جلس يفكر ويقول:
كيف أكلت هذه التفاحة وهي مال لمسلم، ولم أستأذن منه ولم أستسمحه !
فذهب يبحث عن صاحب البستان حتى وجده ..
فقال له: يا عم بالأمس بلغ بي الجوع مبلغاً عظيماً، وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمك وهئنذا اليوم أستأذنك فيها.
فقال له صاحب البستان: والله لا أسامحك بل أنا خصيمك يوم القيامة عند الله !
بدأ الشاب المؤمن: يبكي ويتوسل إليه أن يسامحه ..
وقال له: أنا مستعد أن أعمل أي شيء بشرط أن تسامحني وتحللني
... وبدأ يتوسل إلى صاحب البستان .. وصاحب البستان لا يزداد إلا إصراراً ..
وذهب وتركه والشاب يلحقه ويتوسل اليه .. حتى دخل بيته
وبقي الشاب عند البيت ينتظر خروجه إلى صلاة العصر...
فلما خرج صاحب البستان وجد الشاب لا زال واقفاً ودموعه قد تحدرت على لحيته فزادت وجهه نوراً غير نور الطاعة والعلم ..
ويظل الشاب يقول: يا عم إنني مستعد للعمل فلاحاً في هذا البستان من دون أجر باقي، عمري أو أي أمر تريد ولكن بشرط ان تسامحني.
عندها...
أطرق صاحب البستان يفكر ثم قال: يا بني إنني مستعد أن أسامحك الآن لكن بشرط !
فرح الشاب وتهلل وجهه بالفرح وقال: اشترط ما بدى لك ياعم ؟
فقال صاحب البستان: شرطي هو أن تتزوج ابنتي !
صُدم الشاب من هذا الجواب وذهل .. ولم يستوعب بعد هذا الشرط ..
ثم أكمل صاحب البستان قوله:
ولكن يا بني إالم أن ابنتي عمياء .. وصماء .. وبكماء .. وأيضاً مقعدة لا تمشي .. ومنذ زمن وأنا أبحث لها عن زوج استأمنه عليها ويقبل بها بجميع عاهاتها التي ذكرتها ..فإن وافقت عليها سامحتك.
صدم الشاب مرة أخرى بهذه المصيبة الثانية .. وبدأ يفكر كيف يعيش مع هذه العلة ؟ .. خصوصاً أنه لا زال في مقتبل العمر؟
وكيف تقوم بشؤنه وترعى بيته وتهتم به وهي بهذه العاهات ؟
بدأيحسبها ويقول: أصبر عليها في الدنيا ولكن أنجو من ورطة التفاحة !
ثم توجه إلى صاحب البستان وقال له:
يا عم لقد قبلت ابنتك واسأل الله أن يجازيني على نيتي .. وأن يعوضني خيراً مما أصابني ..
فقال صاحب البستان: حسناً يا بني .. موعدك الخميس القادم عندي في البيت لوليمة زواجك .. وأنا أتكفل لك بمهرها.
فلما كان يوم الخميس جاء هذا الشاب متثاقل الخطى... حزين الفؤاد... منكسر الخاطر...
ليس كأي زوج ذاهب إلى يوم عرسه .. فلما طرق الباب فتح له أبوها وأدخله البيت ..
.. وبعد أن تجاذبا أطراف الحديث قال له:
يا بني... تفضل بالدخول على زوجتك .. وبارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير ..
واخذه بيده وذهب به إلى الغرفة التي تجلس فيها ابنته فلما فتح الباب ورآها ....
فإذا فتاة بيضاء .. أجمل من القمر .. قد انسدل شعر كالحرير على كتفيها..
فقامت ومشت إليه فإذا هي ممشوقة القوام .. وسلمت عليه وقالت:
السلام عليك يا زوجي ....
أما صاحبنا فقد وقف في مكانه يتأملها .. وكأنه أمام حورية من حوريات الجنة نزلت إلى الارض .. وهو لا يصدق ما يرى ولا يعلم ما الذي حدث ؟ ولماذا قال ابوها ذلك الكلام ؟...
ففهمت ما يدور في باله .. فذهبت إليه وصافحته وقبلت يده ..
وقالت: إنني عمياء من النظر إلى الحرام .. وبكماء من الكلام بالحرام ... وصماء من الاستماع للحرام ... ولا تخطو رجلاي خطوة إلى الحرام ....
وإنني وحيدة أبي .. ومنذ عدة سنوات وأبي يبحث لي عن زوج صالح .. فلما أتيته تستأذنه في تفاحة وتبكي من أجلها قال أبي: إن من يخاف من أكل تفاحة لا تحل له .. حريّ به ان يخاف الله في ابنتي .. فهنيئاً لي بك زوجاً .. وهنيئاً لأبي بنسبك.
وبعد عام أنجبت هذا الفتاة من هذا الشاب غلاماً كان من القلائل الذين مروا على هذه الأمة .. حفظ التاريخ اسمه وعلمه وتقواه ..
اتدرون من ذلك الغلام ؟
إنه: الإمام أبو حنيفة صاحب المذهب الفقهي المشهور.
***
خالص الود: طيب الأصل.