المعادلة الصعبة
لم يكن يدري أن الوقت مازال ملائما لتحقيق الحلم الذي سعى إليه كثيرا ورغم شعوره بالإحباط من عقبات الحياة الكثيرة التي تقابله في حياته إلا انه كان على قناعة داخلية في ذاته بأنه سيصل إلى هدفه الذي يبحث عنه , كان يدخن غليونه القديم وهو شارد الذهن بأفكاره مرة يتذكر ساعات الصباح الأولى في قريته النائية بالريف ومرة أخرى يتذكر أجمل لحظات حياته حينما كان يعرف أن الابتسامة ستقوده إلى ضوء القمر وستنطلق روحه إلى الأعالي في سعادة
همهم في داخله وتساءل وهو في شدة أحزانه هل يمكن بالفعل أن أحقق المعادلة الصعبة وأكن سعيدا و من قال أن السعادة صعبة المنال رغم الاحباطات الكثيرة التي لاتزال تقابلني من مكان إلى آخر و هناك خطا ما قد يكون في تقديري للظروف أو قد يكون الخطأ بسبب حظي المتعثر دائما , ووسط جولاته وصولاته بأفكاره متنقلا من مكان إلى آخر وهو ينفخ آلامه وأحزانه كلها في دخان ذلك الغليون الذي يتصاعد إلى السماء رمق أثناء جلسته بالقرب من موقعه على شاطئ البحر الهادئ طفلة تخرج من سيارة مع أمها التي اختارت مقعدا يبعد مسافة قريبة جدا من مكان جلوسه و قطعت له الطفلة حبل أفكاره وبدا يرمقها من بعيد وهي تضحك ضحكتها البريئة وأمها تنبهها بان لاتبتعد عن المكان خوفا عليها من موج البحر الذي إن اخذ لايعيد إلا الحزن وفي لحظات قلائل انتبهت الطفلة إلى وجود هذا الشخص الذي حمل الهموم كلها في ملامح وجهه واقتربت منه في حذر وصرخت ببراءتها المعهودة : لماذا تجلس بعيدا عنا ؟ وابتسم المتشائم ابتسامة خرجت من دفتر ذكرياته القديم وسألها عن اسمها وعمرها وأجابت في براءة أنا بنت أمي وأبي نسكن في وادي الأحبة ومثلك لايمكن أن يصعد إلى قمة جبله الأخضر فتدارك حينها وأعلن انه قد قصر كثيرا في مشوار حياته ولم يكن من داع أن يعلن أن الأرض يسودها التشاؤم فالدنيا لازالت بخير وقرر يوسف وهو اسم المتشائم انه لابد من صعود ذلك الجبل الأخضر ليصل إلى منتهى السعادة وطلب منها أن ترافقه إلى ذلك الجبل العجيب لكنها فاجأته بالرفض قائلة لقد طلبت مني أمي أن لا أتحدث مع الغرباء لكني حاولت أن انفض عنك غبار الحزن الذي يعتريك اذهب أيها المتشائم إلى روحك واسألها كيف الوصول إلى ذلك الجبل الذي تراه بعيدا وهو قريب على بعد خطوات منك هل كان هذا حلم؟ نعم كان حلما عجيبا استيقظ منه يوسف والابتسامة تكاد تأخذه أخذا إلى الأمل والسعادة وأدرك انه بعد حلمه سيكون قادرا على مواجهة التحديات واخذ يدندن في أنشودة جميلة مقاطعها من شعر أبو القاسم الشابي تقول ومن لايحب صعود الجبال يعش ابد الدهر بين الحفر
شرف الدين الطاهر