حتى لا تكون فوضوياً في تفكيرك
ذكر أهل التربية والتجربة معالمعديدة للتفكير المنظم الذي يسلك مسلكاً منهجياً في خطوات ما قبل التفكير وأثنائه, مما يصل بصاحب الفكرة إلى نتيجة صحيحة إن شاء الله, وتتلخص معالم منهجية التفكيرفيما يلي:
1- ينبغي أن يكون عقلك متسع الأفق, وله فقه الأمور, وإدراكللأشياء وإنما يتحصل ذلك بسؤال الثقات, وبالإطلاع على الكتب النافعة, وفي الوقتذاته, تبتعد عن المقالات والكتب التي تشوش الذهن وتحطم الثوابت وتنقل قارئها إلىالشك في كل شيء, وإلى التردد في كل عمل.
2- ينبغي عليك أن لا تحقر عقلك, فكثير من الناس يصبح أحدهم كالميت بين يدي المغسل يبصر ببصر غيره, ويفكر بعقل غيره, لا يشغل عقله ولا يتفكر في ما هو مقدم عليه أو معرضٌ عنه.. وهذه الكلمات ليست دعوةللغرور, بل كن واقعياً في تقدير عقلك وطاقتك لتعرف ما تستطيعه مما لا تطيقه.
3- ينبغي أن يكون تفكيرك مبنياً على يقين صحيح بعيد عن الظن والتخمينويتحصل هذا اليقين بأمور:
أ / التثبت والتبين في تلقي المعلومات الواردة كماقال تعالى: "يأيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبإٍ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهلةٍفتصبحوا على ما فعلتم نادمين".
وعدم قبول أي دعوى بغير دليل مهما يكن قائلها, بل "قل هاتوا برهنكم إن كنتم صادقين"
ب/ تجنب الظن, فإن الظن لا يغني منالحق شيئاً, وقد حذر الله منه ونهى عنه فقال تعالى: "يأيها الذين ءامنوا اجتنبواكثيراً من الظن إن بعض الظن إثم".
ونعى الله الكافرين ظنهم, وذكر مقالتهمالمرفوضة: "إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين". وعلى هذا الظن كفروا بالله وبدينه, والعياذ بالله, وذم الله الظن بقوله: "وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل اللهإن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون"
وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الظنفقال: "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث".
4- اختر الوقت المناسب للتفكيربحيث يجتمع الإلهام ويصفى الذهن, وبهذا نعلم عدم مناسبة التفكير والمرء يشعربالإرهاق أو المرض أو ذهنه منصرف إلى صارف من الصوارف.
5- عليك بالموازنةبين الإيجابيات والسلبيات, وتقدير المصالح والمفاسد فإذا ترجحت المصالح أقدمت, وإلاأعرضت وهكذا.
6- حري بك أن تستفيد من تجربة الآخرين وأن تعتبر بأخطاءالسابقين من المتقدمين. والمعاصرين, كما قال تعالى: " قد خلت من قبلكم سنن فسيروافي الأرض فانظروا كيف كان عقبة المكذبين * هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين"
7- عليك أن تميز بين الخير وما خالطه من شر, والشر وما خالطه من خير فإنالخير درجات والشر درجات, والعاقل من عرف خير الخيرين وشر الشرين كما قرر ذلك داهيةالعرب عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ فقال: "ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر, لكن العاقل من يعرف خير الخيرين وشر الشرين".
8- عليك أن تضبط عواطفكالجياشة وحماسك الملتهب, وإلا فإن التفكير سيصيبه الخلل ويميل بك ميلاً عظيماً. ومنتقلبت عواطفه لم تثبت مواقفه.
9ـ اتبع الحق لا الهوى, فإنه من غلبته نفسهتجاهل الحق ولو كان واضحاً جلياً "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوا".
والتفكير الذي يتقلب في أوحال الأهواء, لن يكون منهجياً منظماً بحال.
10ـ إياك والتعصب لغير الحق, فإن هذا طريقك إلى الضلال, ولنا في أبي طالبعبرة, ألم تر كيف أورده تعصبه لملة عبد المطلب إلى الوفاة على الكفر والعياذ بالله.
من كتاب خطوة .. خطوة .. نحو الهدف