الطفل فلذة كبد أبيه و روح أمه تتهادى على الأرض يبذلان كل غالٍ و رخيص , لأجله يضحيان براحتهما من
أجل راحته , و تنام عيونه في رضا و راحة و تسهر عيون أبويه
سعادة ما بعدها سعادة
كلنا رأى هذه الصورة و كلنا يحبها و لكن لنسأل أنفسنا سؤالاً واحداً هل كما خفنا عليهم من البرد و الحر و أمنا لهم المستقبل المادي و الدنيوي خفنا عليهم من النار يوم القيامة ؟
و هل حصناهم بالقرآن و السنة ليكونوا بحق مسلمين ؟!
و هل علمناهم القرآن و الصلاة كما نعلمهم الحساب و العلوم و غيرها ؟!
**************************
بعث أبو بكر بن حزم " معلم عبدالملك بن عمر بن عبدالعزيز " لعمر يقول له : يا أمير المؤمنين إن ولدك تأخر اليوم , فقال الأمير العادل لأبنه : ما أخرك عن مجلس العلم ؟
فقال له ولده : كنت أمشط شعري , فأمر عمر بالحلاق فحلق شعر ولده و قال له : حتى لا يؤخرك شيء بعد اليوم
و هذا عبدالله بن عمر يجاهد في سبيل الله و هو ابن أربعة عشر عاماً , و هذا أسامة بن زيد يقود جيشاً فيه
أبو بكر و عمر , أليس هذا شاباً و كان طفلاً ؟! .. و لكن أعد لله و للإسلام منذ صغره .
أتدرون من قتل أبا جهل في غزوة بدر ؟
صبيان مسلمان , أليس هؤلاء كانوا أيضاً أطفالاً ؟!
و هذا محمد الفاتح عندما كان عمره عشر سنين , و كان في حلقة علم فسمع من أستاذه عن بطولات الصحابة و التابعين , فقال : " لعل و احداً منكم يكون فاتحاً للقسطنطينية " , فقال في نفسه : لم لا أكون أنا ؟
و من يومها وهوكل يوم يأخذ فرسه و يسير به إلى البحر حتى يصل الماء لرأس حصانه و هو يردد سؤاله : لم لا أكون أنا هو ؟
و من يومها لم يكن للترف في حياته مكان و لم تأخذه الحياة عن هدفه الذي حدده لنفسه و أخلص في سبيل تحقيقه , فأتقن خمس لغات و أجاد فنون القتال و اجتهد و أخلص لله في نيته , فكان و هو ابن إحدى و عشرين سنة قائد الجيش الإسلامي الذي فتح القسطنطينية بأذن الله .
و دخل المأمون على ولده و هو يمسك في يده قلماً و أوراقاً فسأله المأمون : ما هذا الذي معك ؟
فأجاب الولد : هذا ما تسجل به الفطنة و ينبه من الغفلة و يؤنس به من الوحشة , فقال المأمون : الحمد لله الذي جعل من ولدي من يتكلم بعين عقله لا بعين جسمه و لسانه .
قد تقولون أو تلتمسون لأنفسكم أعذارا بأن هؤلاء من الصحابة أو التابعين أو تقولون أين نحن من هؤلاء ؟ ولكن مهلاً !
فهذا طفل مسلم يخاطب كل أطفال المسلمين وهو في مثل عمرهم فيقول :ــ
فقالوا : وحيد قلت ما ضل الهدى من عاش بالتوحيد غير وحيد
ويخبرهم عن حاله فيقول : ــ
إني أرى ما لا ترون من رجفة وجنود
وأعرف القصف الذي لم تعرفوا عنه وأعرف التهديد
ما كنت يا أطفال أحسد كم على عيش في ظل المغريات رغيد
ما غرني أني ألبس ثوباً مرقعاً وتلبسون كل جد يد
وفي شجاعة ورجولة وجهاد وإصرار وإيمان يقول :
أنا لم أعد طفلاً فلم يعد يروي ظمأ قلبي سوى عيش كعيش أسود
***********************************